وبدأت المرحلة الثالثة كما يرى المؤرخون بحلول عام 300 قبل الميلاد وانتهت بحلول فجر الإسلام ، وتعرف في شمال شرق موقع الأخدود الأثري الشهير المعروف بـ “رقمات”، وكانت حادثة الأخدود أبرز حادثة في تلك الفترة, وكانت الديانة المتبعة آنذاك المسيحية, التي انتشرت في نجران وآمن بها الناس مما سبب وقوع حادثة الأخدود التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله في سورة البروج. أما المرحلة الرابعة وهي المرحلة الإسلامية فقد بدأت في السنة التاسعة للهجرة حيث لم يعد الأخدود “رقمات” مكان التجمع السكاني الرئيس في نجران, وإنما انتشر العيش خارج الموقع في أنحاء متفرقة من الوادي, حيث تذكر المصادر التاريخية أن نجران قبل الإسلام بقليل كانت سوقاً من أسواق العرب المشهورة والضخمة.

وتبوأت نجران قديما وعلى مر التاريخ موقعا مهما من الناحية الاقتصادية بين شمال وغرب الجزيرة العربية وجنوبها، وبخاصة في الفترة بين (400-450) عاماً قبل الميلاد حيث كانت تتميز بموقعها مثل دول سبأ ومعين وقطبان وحضرموت، وأفادها في هذا الشيء موقعها الإستراتيجي حيث كانت ممرا لقبائل غرب ووسط الجزيرة العربية، وتعد مدينة الأخدود الأثرية شاهدا على تلك الفترة المهمة حيث كانت مركزا للتجارة القديمة مرورا بطريق التجارة القديم.
واشتهرت نجران بسلعها الجيدة التي كانت تصل إليها من اليمن, وأفريقيا, ومن الهند كالبخور والمُر واللبان وغيرها, أو تلك التي تصنعها وكان من أهمها القماش, والبُرد والأثواب النجرانية الشهيرة, وكانت تصدر عن طريق خط التجارة القديم المار بموقع “حِمى” شمال نجران حيث تتجمع القوافل به وتتفرع إلى فرعين : الأول يتجه بشمال شرق الجزيرة العربية مارا بقرية الفاو وصولا إلى بلاد ما بين النهرين, والثاني يتجه إلى شمال وغرب الجزيرة العربية مارا بجرش ثم مكة المكرمة والمدينة المنورة والعلا وبلاد الشام ونهر النيل.
Add Comment