عندما نقول إن اليمن يصبح وجهة عدد كبير من السياح من مختلف إنحاء العالم.. نتحدث عن حقيقة تعكسها الأرقام والمنافذ البرية والمطارات.. لهذا يجدر بوزارة السياحة الاشتغال على مسألة الترويج السياحي للنهوض بالاقتصاد الوطني وتغيير الصورة السيئة التي لحقت بالبلد وكونتها أحداث العنف والإرهاب .
– رغم ذلك هناك أمور تبعث على الأمل فقد أوضحت إحصائية صادرة عن مصلحة الهجرة والجوازات أن اليمن استقبلت خلال شهر رمضان المبارك أكثر من 1570 زائراً من الخليج دخلوا عبر منفذي محافظتي حجة والمهرة، وتوقعت الهجرة والجوازات أن تشهد أيام إجازة العيد تدفقاً للسياح العرب بأعداد تتراوح بين الـ2500 والـ3000 زائر إضافة إلى السياح الأوروبيين والأمريكيين الذين يتدفقون يومياً بالمئات..
في هذا الإطار رصدنا حركة السياحة إلى اليمن خلال إجازة عيد الفطر المبارك لهذا العام وبدأنا مشوار التحقيق من مطار صنعاء الدولي حيث لمسنا هناك حركة جوية نشطة وزواراً من مختلف الجنسيات يقدمون لزيارة اليمن ولقضاء إجازة عيد الفطر المبارك. الأخ/ ناجي عبد الله المرقب – مدير عام مطار صنعاء الدولي يقول: إن حركة السير الجوية في هذه الفترة في نشاط دائم وتزايد أعداد الزوار الوافدين والقادمين إلى اليمن من دول الخليج وأوروبا وكافة دول العالم خاصة بعد استتباب الوضع الأمني في البلد , ومعاودة الرحلات الجوية التي كانت متوقفة خلال الأحداث التي شهدتها اليمن خلال العامين الماضيين, وأكد أن رحلات الاتحاد الأوروبي قد تضاعفت الأمر الذي يحتم بالإسراع في مشروع توسعة صالة المطار الذي توقف نتيجة إخلال الشركة الصينية المنفذة بالمواصفات الدولية , ومع هذا الإقبال الكبير أوجدنا كافة الخدمات الحديثة والنظم الصوتية ومولدات كهربائية سعة 2000 كيلو وغيرها من الاستحداثات الإنمائية التي تجعل الخدمة متميزة.
فيما يؤكد خالد الشائف نائب مدير عام المطار، ومحمد السريحي مدير النقل الجوي بالمطار أن المطار هو البوابة الأولى لليمن ومن خلاله يرسم الزائر والسائح انطباعه المبدئي عن هذا البلد ولهذا فنحن نحرص على إظهار الصورة الإيجابية والحضارية لهذا الشعب العريق .
سياح أوروبيون
من جهته أوضح عبد الوهاب النهمي مدير عام الشئون العربية والأجنبية بالجوازات أن أكثر الوافدين للسياحة الآن من الدول الأوروبية بشكل مكثف عبر مختلف المنافذ البحرية والجوية والبرية حيث يتوافد السياح بالمئات خلال اليوم الواحد , خاصة بعد استقرار البلد أمنياً وعودة الحياة إلى طبيعتها .
سامح الوظاف من المنظمة اليمنية لأنصار السياحة يقول: تعتبر إجازة عيد الفطر المبارك من أكثر المناسبات السياحية كثافة سواء على مستوى السياحة الداخلية أو الخارجية , ولهذا لا بد من مراعاة ذلك في الإعداد والتجهيزات للنهوض بمقومات السياحة من خلال إنشاء المعارض الفوتوغرافية السياحية التي تهدف إلى الترويج السياحي وتعريف الزوار بما تمتلكه المحافظات من ثروات سياحية متنوعة مثل الحصون التاريخية ومناظر طبيعية متنوعة من جبال وسهول وجزر مرجانية ومناظر طبيعية خلابة , تتوافر بها كافة أنواع السياحة من سياحة تسلق الجبال والطيران الشراعي وسياحة الغوص والاستكشاف وغيره من أنواع السياحة.
وبيّن الوظاف أن تلك المقومات السياحية تفتقر إلى مشاريع سياحية استثمارية والتي ستكون مصدر إيراد قوي في حال اهتمت قيادة المحافظات والسلطات المحلية بتنفيذ المشاريع العملاقة مثل منتجع جزيرة الدويمة في محافظة حجة والذي سيجلب سياحة من دول الجوار كالسعودية والسودان ومصر وغيرها.
وترى فاطمة الحريبي – المدير التنفيذي للمجلس اليمني للترويج السياحي أن الأحداث التي مرت بها اليمن في الأعوام المنصرمة والأعمال الإرهابية هنا وهناك كان له الأثر البالغ على واقع السياحة في اليمن والذي أدى إلى تحذير عدد من الدول رعاياها من البقاء في اليمن نتيجة الاضطراب الأمني الحاصل , الأمر الذي عكس صورة سيئة ومشوهة للغاية عن اليمن وكأنها بؤرة للإرهاب، وقد ساهم في ذلك الإعلام عبر التهويل والتضخيم للأحداث في هذا المجال ما زاد الوضع تأزيماً .
وأضافت: نحن الآن بصدد إظهار الصورة الحقيقية المشرقة لليمن كونها موطن جذب وجمال خلاب وطبيعة ساحرة قل ما تجد لها مثيلاً من خلال هذه المناسبات العيدية التي يزيد فيها إقبال الوافدين عبر مختلف المنافذ البرية والبحرية والجوية ومن مختلف أنحاء العالم خاصة بعد أن بدأ الوضع بالاستقرار ودبت الحياة في أنحائها، غير أن المشكلة أن السياحة لم تأخذ حقها من الترويج الدعائي والإعلامي.
برنامج التراث
محمد علي أبوطالب – رئيس مؤسسة (آي كي جي) للسياحة وفروعها في المحافظات يقول: الوضع جيد فقد أبلغنا شركاءنا في قطاع السياحة بضرورة توفير متطلبات كافة المرافق السياحية المؤهلة في فنادق خمسة وسبعة نجوم لاستقطاب الزوار الوافدين من كافة أنحاء العالم مع الاحتفاظ بخصوصية كل قطر , وتوفير وسائل النقل والمرافقين والمترجمين وإعداد جدول برامجي للفعاليات السياحية المصاحبة لفترة الإقامة من الفنون والموروثات الشعبية والمعارض السياحية والرحلات المتنوعة للتعرف على الكنوز التاريخية التي تحتضنها اليمن بزخمها التراثي الأصيل .
أمان السياح مسؤوليتنا
وعن استتباب الأمن كدافع للنهوض بمقومات السياحة، يوضح العقيد علي الشدادي من وزارة الداخلية أن السياحة بصورة عامة تواجه تحديات عدة يعد الجانب الأمني أبرزها، وذلك لما يترتب عليه من مخاطر وتأثيرات ونتائج على السياحة وعلى السياح أنفسهم , بعد أن تزايدت نسبة اختطافهم وقتلهم بذرائع قضايا سياسية وقضايا قبلية , أو استخدام هذه الوسيلة من بعض القوى كوسيلة ضغط وابتزاز لتحقيق مطالبها بأسلوب لي الذراع وبطرق غير مشروعة , وبالمقابل هناك قوى دولية تسعى لتنفيذ أجندة خاصة بها وبالذات في الملف الأمني والملاحقات الأمنية والاعتقالات والقتل تحت قانون مكافحة الإرهاب مما ينتج ردود فعل تضر بالبلد .
وأوضح الشدادي أنه لا يجب أن ينظر إلى الجانب الأمني بمعزل عن الجوانب الدينية والسياسية والأوضاع الأقتصادية والظروف الاجتماعية , كما أن للأوضاع الدولية والمواقف والممارسات السياسية للأنظمة الغربية تجاه كثير من قضايا الأمة انعكاساتها لأنها تكرس ثقافة القوة بدلاً عن القانون والشرع , ونحن بحاجة إلى جهد وحملة منظمة ومتوازية من الجانب الحكومي وغيره في تأمين المراكز والمناطق والمقرات و تأمين الطرق والمنافذ , ومع كل ذلك فأجهزتنا الأمنية في حذر تام واحتياطات دائمة لردع أي عمل أو تصرف يهدد أمن السكينة العامة أو يهدد أمن الزوار والسياح في اليمن .
848 مليون دولار
الخبيرة الاقتصادية جميلة العثماني من المركز الوطني للدراسات الاقتصادية تؤكد أن للسياحة دوراً أساسياً في إنعاش الاقتصاد الوطني ، وهي الأداة لتحقيق التنمية المتوازنة ومعالجة الاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد الوطني كالتضخم والبطالة، وتقول إن القطاع السياحي أحد القطاعات التي يمكن له المساهمة في تحقيق نمو مطرد في الناتج المحلي الإجمالي ، حيث تشكل نسبة مساهمة هذا القطاع حوالي 3% من الناتج المحلي، وبتطوير هذا القطاع يمكن الاستفادة منه من خلال إيجاد فرص عمل ومصدر دخل للبلاد من العملات الصعبة، كما أنه أداة جذب للاستثمارات خاصة المحلية و الخارجية عربياً ودولياً.
وأضافت العثماني : إن الاستثمار في التنمية السياحية يؤدي إلى زيادة في الطلب على المنتج السياحي مما يعني ازدهار قطاع السياحة في اليمن حيث كانت عائدات اليمن من السياحة حوالي 848 مليون دولار في عام 2012م بمعدل نمو8% عن العام السابق وهي إيرادات كبيرة في ظل الوضع المتردي للخدمات الأساسية المتعلقة بالسياحة، فإذا ما تم الاهتمام بشكل أكبر بالاستثمار العام والخاص في مجال السياحة فستزداد العوائد إضعاف أخرى, والعيد فرصة للترويج لمقومات اليمن السياحية والنهوض بها .
Add Comment