تتحدث مقالة “لماذا يسمى السومريون بأبناء الآلهة؟” عن شعب متحضر للغاية ظهر ما بين نهري دجلة والفرات منذ أكثر من 5 آلاف سنة. كما تتحدث المقالة عن المعرفة الفلكية التي امتاز بها السومريون الذين كانوا في ذلك الوقت على علم بمحتوى ومبدأ عمل النظام الشمسي. في هذه المقالة سوف نتحدث عن المعرفة الفلكية لهذا الشعب وسنحاول استناداً إلى قطع الآثار التي تم العثور عليها أن نثبت أن السومريين كانوا على علم واسع في هذا المجال
الحفريات والاكتشافات الأولى
لقد تم إثبات حقيقة وجود السومريين وحضارتهم المتطورة عام 1877 عندما عثر أحد أضاء السلك الدبلوماسي في القنصلية الفرنسية في بغداد إرنيست ديسارجاك في منطقة التلة على تمثال مصنوع بشكل مميز وغريب الأطوار، عندما قام الأخير بعمليات التنقيب والحفر ظهرت خلالها العديد من المنحوتات والتماثيل والألواح الطينية المزينة بزخارف لم تكن معروفة من قبل، كما تم العثور أيضاً على تمثال من حجر الديوريت الأخضر وهو تمثال لملك وكبير كهنة مدينة–دولة لجش. وقد أكدت تقديرات أكثر علماء الآثار حذراً إلى أن التمثال يعود إلى الألفية الثالثة أو الرابعة قبل الميلاد أي إلى عصر قبل ظهور الثقافة الآشورية والبابلية.
الصورة: آلهة البابليون مردوخ وتنينه مع الختم البابلي الأسطواني
إن أكثر القطع الأثرية إثارة للاهتمام والتي تم العثور عليها خلال الحفريات هي تلك الأختام السومرية التي تعود إلى 3000 سنة ما قبل الميلاد وهي عبارة عن اسطوانات حجرية يتراوح ارتفاعها من 1-6 سم مثقوبة من الأعلى وذلك على ما يبدو، أن أصحاب هذه الأختام كانوا يعلقونها على عنقهم. أما أسفل الختم فكان منقوشاً برسومات مختلفة.
تم دمغ مختلف أنواع الوثائق بهذه الأختام وعلى معظم الأوعية الفخارية، مع العلم أن الوثائق لم تكن معمولة من لفات ورق البردى فحسب وإنما من ألواح طينية رطبة بحيث يحافظ النص أو الختم المدموغ بعد التجفيف والتعرض للنار لقترة طويلة.
المعرفة الفلكية لدى السومريين
يعتقد خبراء الثقافة السومرية أن أكثر الأختام غموضاً هو ذلك الختم الذي يصور النظام الشمسي، ومن خلال البحث الذي أجراه كارل ساغان أحد علماء الفلك في القرن العشرين، أثبت أنه منذ 5-6 آلاف سنة كان السومريون يعتقدون بأن الشمس، وليست الأرض، هي مركز الفضاء وذلك لأن نجم الشمس رسم على الخاتم في الوسط وكان حجمه أكبر بكثير من حجم الأجرام السماوية المحيطة به. ومع ذلك فإن ما يثير الدهشة هو إظهار الكواكب التسع التي نعرفها في وقتنا الحالي على الختم علماً أن الكوكب التاسع والأخير بلوتو تم اكتشافه عام 1930.
ولكن كما يقال هذا ليس كل شيء!! وذلك أولاً: لأن كوكب بلوتو حسب مخطط السومريين لا يقع في مكانه الذي نعرفه حالياً وإنما يقع بين زحل وأورانوس. وثانياً: وضع السومريون جرم سماوي بين المريخ والمشتري. وهنا أكد زكريا سيتشين وهو مؤرخ وخبير بشؤون الشرق الأوسط ونصوص الكتاب المقدس الذي قام بدراسة هذا الختم الفريد من نوعه، بأن الصورة الموجودة على الختم تبين وجود جرم سماوي مجهول إلى يومنا الحالي وهو الكوكب العاشر للنظام الشمسي الذي يدعي “مردوخ”.
السومريون يستخدمون أعداداً من 15 رقم
لم تنته الاكتشافات المثيرة للاهتمام عند هذا الحد فقد تم العثور على نص حسابي في تلة كويونجيك في العراق بالقرب من مدينة نينوى القديمة يتضمن العدد 195955200000000! وهذا العدد المؤلف من 15 رقم يعبر بالثواني عن 240 دورة لما يسمى بعام بلاتون وهذه السنة تساوي تقريباً 26 ألف سنة من سنوات الأرض.
في هذا السياق قام العالم الفرنسي موريس شاتولان وهو متخصص بنظم الاتصالات مع المركبات الفضائية والذي عمل أكثر من 20 عاماً في وكالة ناسا الفضائية الأمريكية، بدراسة هذه النتيجة التي توصل إليها السومريون القدماء في علم الرياضيات.
الصورة: إنانا آلهة السماء والخصوبة والحب السومرية
يعتقد شاتولان أن العدد المكون من 15 رقم يمكن أن يعبر عن ما يسمى بالثابت الكبير للنظام الشمسي الذي يسمح بدقة عالية حساب العدد المضاعف لكل دورة في حركة وتطور الكواكب والأقمار والمذنبات. كما أخضع العالم فرضيته لتحليل حاسوبي خلص إلى النتيجة التالية: “أشارت جميع الحالات التي اختبرتها إلى أن فترة دوران الكوكب أو المذنب حول الشمس هي عبارة عن ثابت كبير يساوي 2268 مليون يوم. وبرأيي أن هذه الحقيقة هي تأكيد مقنع للدقة العالية التي تم فيها حساب هذا الثابت منذ آلاف السنين.
لاحقاً أثبتت الدراسات وجود حالة من عدم الدقة في حساب هذا الثابت، والحديث هنا يدور عن حالة ما يسمى “بالسنة المدارية” التي تتألف من 365.242199 يوم. والفارق بين هذه القيمة والتعبير الكمي الذي تم الحصول عليه باستخدام الثابت يقدر بنحو 1.386 أجزاء من الثانية علماً أن الخبراء الأمريكيين شككوا بوجود خلل في هذا الثابت وذلك لأنه وفقاً للدراسات الأخيرة فإن مدة السنة المدارية تقل بنحو 16 مليون أجزاء من الثانية كل ألف سنة. ولكن الأمر الذي أدهش الخبراء هو عندما قاموا بتقسيم قيمة الخطأ المذكور أعلاه على هذا العدد واستنتجوا بأن الثابت الكبير من نينوى تم حسابه منذ 64800 سنة!! وفي هذا الصدد فإنه من المناسب أن نذكر أن أكبر عدد لدى الإغريق القدماء، الذين يعتبرون أنهم من مؤسسي الحضارة الأوروبية، كان 10 آلاف وأي عدد يفوق هذا الرقم يعتبر لا نهاية.
لماذا يدعي السومريون أنهم جاؤوا من كوكب أخر؟
تعتبر اللوحة المصنوعة من الطين على شكل قرص دائري قطعة أثرية فريدة من نوعها تم العثور عليها خلال الحفريات التي جرت في نينوى، وهذا القرص مجزأ إلى 8 قطاعات متساوية تحتوي على رسوم مختلفة مثل مثلثات ومضلعات وسهام وخطوط ومنحنيات. يشار إلى أن مجموعة من الباحثين من علماء في اللغة والرياضيات والملاحة الفضائية عملوا على فك رموز النقوش والصور الموجودة على هذه اللوحة.
وقد توصل الباحثون إلى استنتاج مفاده أن اللوحة تحتوي على وصف لمسار رحلة آلهة إنليل الذي ترأس المجلس السماوي لآلهة السومريين الوثنية. ويشير النص إلى أن إنليل حلق خلال أسفاره بالقرب من الكواكب وفق مسار محدد بشكل مسبق، كما توجد معلومات أيضاً حول الرحلات الجوية لرواد الفضاء الذين هبطوا على كوكب الأرض قادمين من كوكب مردوخ، مع العلم أن القطاع الأول للوحة يحتوي على معلومات عن رحلة سفينة الفضاء.
تعبر السفينة الفضائية لدى اقترابها من الأرض سحاباً من البخار ومن ثم تنخفض إلى منطقة سماء صافية. وبعد ذلك يعمد طاقم السفينة الفضائية على تشغيل أجهزة نظام الهبوط مع تفعيل محركات الوقوف “الفرامل” ومن ثم تتجه السفينة فوق الجبال إلى موقع الهبوط المخطط له مسبقاً. وتشير الكتابات المبينة في القطاع الثاني من اللوحة إلى أن مسار تحليق السفينة الفضائية عبرت بين كوكبي المشتري والمريخ أثناء هبوطها إلى الأرض قادمة من كوكب مردوخ. أما القطاع الثالث من القرص فيتحدث عن الإجراءات التي قام بها طاقم السفينة أثناء عمليات الهبوط على الأرض، وقد كتب في هذا القطاع ما يلي: “إن آلهة نينيا هي التي تتحكم بعملية الهبوط”. أما القطاع الرابع فيحتوي على معلومات حول كيفية التنقل بين النجوم خلال الرحلة الفضائية نحو الأرض ومن ثم توجيه السفينة الفضائية إلى مكان الهبوط على كوكب الأرض مسترشداً بذلك التضاريس المحلية.
خلص العالم الفرنسي موريس شاتولان وباقي المشاركين في العملية البحثية إلى استنتاج مفاده إلى أن القرص الدائري عبارة عن دليل للتحليق الفضائي مع تطبيق المخطط المرسوم له. كما ضم القرص جدول زمني للمراحل المتعاقبة لهبوط السفينة الفضائية، كما تم الإشارة إلى نقطة هامة تدل على مكان عبور الطبقات العليا والسفلى من الغلاف الجوي للأرض بما في ذلك محركات الفرامل، كما تم الإشارة إلى الجبال والمدن التي ينبغي التحليق فوقها بالإضافة إلى موقع هبوط المركبات الفضائية. كل هذه المعلومات مرفقة بأرقام وأعداد كبيرة تشير على الأرجح إلى ارتفاع وسرعة الطيران التي ينبغي الالتزام بها عند تنفيذ الخطوات المذكورة أعلاه.
وقد ذكرت قصة ملحمة جلجامش السومرية ذلك الحاكم شبه الأسطوري لمدينة أوروك الذي حكم في الفترة ما بين 2700-2600 ما قبل الميلاد، معلومات عن مدينة بعلبك الأثرية الموجودة حالياً على أراضي لبنان والمشهورة بهياكلها الضخمة والكتل الصخرية الهائلة المتوضعة بشكل دقيق يصل وزن الواحدة منها أكثر من 100 طن مع العلم إلى أن هذه الهياكل الصخرية تبقى لغزاً حتى يومنا هذا.
ولكن لم تكن تشكل هذه الهياكل الضخمة لدى كتاب الملحمة الأسطورية التي تم ذكرها آنفاً لغزاً، فهم كانوا يعلمون أن في هذه المدينة تعيش الآلهة ويعيش هناك الأنوناكيون الذين تحرسهم السهام القاتلة. ووفقاً لنصوص الألواح الطينية فقد كان السومريون يصفون الأنوناكيين بالآلهة الغرباء الذين نقلوا علوم القراءة والكتابة ونقلوا معارفهم ومهارتهم في العديد من مجالات العلم والتكنولوجيا.
لم يتم العثور على آثار لتحليق الغرباء من كواكب أخرى ولهذا ينبغي الإشارة إلى أن السومريين على الأرجح كانوا يشاهدون سقوط أجسام من الفضاء، على سبيل المثال النيازك وغيرها من الأشياء التي كانت تحدث انفجاراً قوياً لدى وصولها إلى الأرض. لقد كانت شعوب تلك الحقبة تتمتع باعتقادات وثنية في إدراكها للعالم، ومن هنا يأتي تفسير وجود الآلهة الغرباء من كواكب أخرى مثل الأنوناكيين وغيرهم. ولكن الحقيقة الدامغة هي أن السومريين كانوا يتميزون بمعارف تكنولوجية متطورة