أبوظبي في 5 يوليو / وام / تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة إرثاً غنياً من التراث المتنوع وتحرص على التمسك به والحفاظ عليه حيث يتجلى ذلك في قول صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله ” إننا نتطلع إلى مشروع حضاري شامل يستوعب الحديث دون إخلال بالأصيل بما يحفظ للوطن وجوده وللمواطن هويته وللمجتمع تماسكه فلا تساهل ولا تهاون مع كل ما يهدد قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا ولغتنا الوطنية التي هي قلب الهوية الوطنية ودرعها وروح الأمة وعنصر أصالتها ووعاء فكرها وتراثها .. فمن لا هوية له لا وجود له في الحاضر ولا مكان له في المستقبل”.
وقد امتد اهتمام دولة الإمارات إلى الإسهام في الحفاظ على التراث الإنساني العالمي من خلال إقامة شراكات عالمية مع العديد من الدول والمنظمات المتخصصة في مجالات صون التراث ونشر الثقافة والفنون وأطلقت في إطار هذه الجهود في عام 2007 مشروع إنشاء منطقة ثقافية متكاملة في جزيرة السعديات بأبوظبي والتي ستحتوي إلى جانب متحف (اللوفر/أبوظبي) على “متحف الشيخ زايد الوطني” والمتاحف العالمية الثلاثة وهي “متحف جوجنهايم أبوظبي للفن المعاصر” و”المتحف البحري” و”متحف الفنون الكلاسيكية” إلى جانب دار المسارح والفنون والتي ستساهم في أن تصبح أبوظبي منارة وعاصمة للثقافة والتراث على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وكانت دولة الإمارات قد انتخبت بالإجماع رئيساً للجنة الدولية الحكومية للتراث غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة خلال اجتماع اللجنة الذي عقد في نوفمبر 2008 بمدينة اسطنبول بتركيا بحضور 100 دولة ومنظمة حكومية وغير حكومية إضافة إلى الدول الـ24 الأعضاء في اللجنة وقررت اختيار دولة الإمارات لعقد اجتماعها المقبل في ابوظبي وهو الاجتماع الذي عُقد بالفعل خلال شهر سبتمبر 2009 كما انتخبت دولة الإمارات عضواً في لجنة فريق الخبراء في المنظمة التي تضم خمس دول أخرى.
ووضعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة في العام 2011 مدينة العين على القائمة الأولية للتراث العالمي للبشرية في خطوة مهمة وأساسية تمهّد للاعتماد النهائي لهذه المدينة العريقة التي تمكنت من المحافظة على مستوى عالٍ من الأصالة بالرغم من خطوات التطور السريعة التي حققتها.
وتزخر مدينة العين بوجود العديد من المواقع الأثرية المهمة وفي صدارتها قلعة الجاهلي التي يعود تاريخها إلى عام 1898 وتعتبر من أهم المعالم التاريخية وأكبر قلاعها وتم بناؤها من قبل الشيخ زايد الأول ما بين 1891 و1898 ..وقد أعيد ترميمها وفق المعايير الدولية التي تضعها منظمة “اليونسكو” وتحويلها إلى مركز ثقافي سياحي أصبح مقصداً رئيسياً لزوار وسياح العين.
كما قادت دولة الإمارات في نوفمبر 2010 بالتنسيق مع 12 دولة عربية وأجنبية جهود إعداد ملف مشترك لتسجيل “الصقارة” ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي لمنظمة “اليونسكو” وتسعى حالياً لتسجيل عدد من ركائز التراث الوطني في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للمنظمة الدولية وفي مقدمتها حرفة “السدو” التي تعكس مهارات صناعة النسيج اليدوي التقليدية والألعاب الشعبية القديمة وفن “العيالة” وتراث “التغريدة”.
وفي هذا الإطار وقّعت دولة الإمارات وسلطنة عمان في 23 مارس 2011 على الملف الخاص بتراثي “التغريدة” و”العيالة” تمهيدا لرفعه إلى منظمة “اليونسكو” بهدف تسجيلهما في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للمنظمة.
ونوه السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي مدير إدارة التراث بوزارة الثقافة والتراث بسلطة عمان بجهود دولة الإمارات في الحفاظ على التراث الإنساني العالمي ..وقال إن الإمارات لعبت الدور الرئيسي في إدراج عنصر الصقارة في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي في “اليونسكو” خلال الاجتماع الخامس للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي الذي عُقد في نيروبي في نوفمبر 2010 وكانت دولة الإمارات من أوائل الدول العربية المُوقّعة على الاتفاقية الدولية للعام 2003 لحماية التراث الإنساني غير المادي.
واحتفلت دولة الإمارات العربية المتحدة في 28 فبراير 2013 ولمدة 10 أيام متواصلة بذكرى مرور 250 عاماً على بناء قصر الحصن الذي يتوسط العاصمة أبوظبي ويعتبر من أبرز معالمها التاريخية التي تحكي قصة ابن الامارات مع الأرض والتاريخ والأصالة والعراقة ..ويرتبط القصر ارتباطا وثيقا بإمارة أبوظبي بدءا من اكتشاف الماء العذب فيها وتشييده في قلب العاصمة.
وبعد أن كان في الماضي برجا أقيم لحماية بئر المياه العذبة التي اكتشفت في العام 1761 أصبح مع مرور الوقت مكانا أثيرا يضم في جنباته العائلة الحاكمة وحصنا منيعا في المدينة الصغيرة التي بدأت تتوسع بسرعة مذهلة لتصبح من أجمل وأروع المدن التي تجمع معادلة الأصالة والمعاصرة.
وقد عاصر القصر أكثر مراحل تاريخ الإمارات ازدحاما بالأحداث والمنعطفات التي طرأت على حركة سير التاريخ في الإمارات ومنطقة الخليج وهو يشهد على إنجازات خالدة لحكام آل بوفلاح وبذلك خلد مسيرتهم الرائدة التي أرست دعائم السياسة الداخلية والخارجية للدولة وتحولت بالمجتمع إلى واقع مفعم بالرفاهية والرخاء والاستقرار.
ويحظى القصر بمكانة كبيرة انطلاقا من كونه نقطة البداية لنمو وتقدم إمارة ابوظبي ولأنه بقي على مدى قرنين الملاذ والمنزل ومقر الحكم والإدارة لآل نهيان حكام أبوظبي.
كما شهد الكثير من الأحداث وعاصر العديد من التطورات والإنجازات في وقت واحد ولا يزال صرحا شامخا يروي سلاسل من الأحداث التاريخية والسياسية.
وقد تقدم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي المسيرة الوطنية الاحتفالية التي انطلقت من قصر المنهل في العاصمة أبوظبي باتجاه قصر الحصن وسط المدينة حيث أقيمت الاحتفالات.
وشارك فى المسيرة التي تُجسد رحلة آل نهيان من مدينة ليوا في المنطقة الغربية إلى أبوظبي عدد من الشيوخ والمواطنين وأبناء القبائل وصولاً إلى الفضاء الخارجي لمركز الاحتفالات بقصر الحصن حيث شارك الجميع جموع المواطنين الغفيرة بالرقصات الشعبية التراثية.
ثم تفقد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وأولياء العهود وسمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية والشيوخ معرض قصر الحصن المقام بهذه المناسبة حيث اطلعوا على مجموعة من الوثائق التاريخية والصور واللوحات القديمة لشيوخ آل نهيان بالإضافة إلى بعض المقتنيات بقصر الحصن التي تجسد العهد الماضي العريق لشيوخ آل نهيان.
كما شهدوا العمل الاستعراضي بعنوان “قصة حصن ومجد وطن” الذي قدمت فيه لوحات تاريخية تراثية تحكي قصة حياة الأجداد ونمط معيشتهم ومورد رزقهم في الصحراء من الإبل والبحر حيث عكست اللوحات مهنة الغوص وصيد السمك وتربية الإبل واستخدامها كوسيلة مواصلات للتنقل.
وأعرب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن اعتزازه بما شاهده من لوحات تراثية تجسدت فيها عراقة الماضي للأجداد خاصة شيوخ آل نهيان الكرام الذين قدموا الى أبوظبي من منطقة ليوا ليصنعوا التاريخ في هذه الإمارة الحبيبة التي باتت عاصمة حديثة لدولة عصرية أسسها وبناها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”.
واعتبر سموه إقامة هذا المهرجان التراثي المتنوع إنما يأتي لتعريف الأجيال الحاضرة والشباب بتراث أجدادهم وكفاحهم الطويل من أجل بناء وطن عزيز شامخ تقطف هذه الأجيال حالياً ثمار ما زرعه لهم الأجداد والآباء ..وهنأ سموه أخاه الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على نجاح هذا المهرجان وروعة تنظيمه وتنوع فقراته التراثية.
وأعرب الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن سعادته بالاحتفال وبالمشاركة الواسعة التي تعكس الانتماء والاعتزاز والفخر بهوية الوطن وما يزخر به تراثنا الوطني من تنوع وأصالة وعراقة ..وقال سموه “إننا اليوم نستنشق عبق التاريخ لنضرب المثل للأبناء والأجيال القادمة على أن أحلام قادتنا وآبائنا وأجدادنا ليست سوى الحاضر الذي نعيشه بعد أن عانوا وبذلوا كل غال ونفيس كي نصل إلى ما وصلنا إليه وأن ما نفعله اليوم سيكون شاهداً على ما صنعناه ونصنعه لمستقبل هذا الوطن المعطاء”.
وجرت الاحتفالات بذكرى مرور 250 عاماً على بناء قصر الحصن والتي نظّمتها هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وسط الأهازيج واللوحات الوطنية التراثية وتضمنت معارض تراثية متنوعة وشاملة تحكي مشاهد وأنماط الحياة القديمة التي عاشها الآباء والأجداد في مختلف البيئات الصحراوية والحضرية والزراعية والبحرية والتي جسدت نبض الماضي الذي يعبق بالأصالة والتفرد وقوة الإرادة والعطاء الذي قدمه الأوائل لإيجاد أفضل سبل العيش والحياة الكريمة ومعروضات تراثية لنماذج الحرف اليدوية في مختلف البيئات كصناعة السفن والقوارب الشراعية والحبال وأدوات الصيد البحري وأنشطة القنص والصيد بالصقور وكلاب السلوقي إضافة الى ركوب الأبل والتي كانت وسيلة التنقل القديمة لدى إنسان الإمارات.
واشتملت العروض على نماذج من المشغولات التقليدية التراثية للمرأة الإماراتية من حُلي ومصنوعات ومشغولات زينة من أزياء وألبسة تراثية نسائية ونقوش الحناء إضافة إلى استفادتها من شتى أنواع الثروة الحيوانية والزراعية في حياكة الأقمشة والمنسوجات وغزل الصوف وإعداد المأكولات وأصناف الأغذية التراثية القديمة واستخدام سعف النخيل لصناعة الحصير والأدوات المنزلية ..كما حفلت العروض بالعديد من الفقرات التراثية الفلكلورية التي تروي ملامح من العادات والتقاليد السائدة في مختلف مناطق الدولة والفنون الشعبية التراثية التي تؤدى في الأعياد والاحتفالات والمناسبات الوطنية.
وكان المركز الوطني للوثائق والبحوث بوزارة شؤون الرئاسة قد أصدر كتاباً خاصاً عن قصر الحصن ومقتنياته ودوره التوثيقي بعنوان /قصر الحصن- تاريخ حكام أبوظبي 1793-1966/ مستمداً مصادره من السجلات الرسمية للإداريين البريطانيين بمنطقة الخليج.
ويضم الكتاب خمسة فصول هي لمحة تاريخية ثم التحول الاقتصادي والسياسي في مشيخة أبوظبي فصعود أبوظبي للسلطة والشهرة في الفترة /1833 – 1855/ وأبوظبي المشيخة الرائدة على ساحل الخليج /1855-1909/ وآخر الفصول كان عن نهاية مرحلة وتطورات جديدة /1909-1966/.
ويذكر الكتاب أن قصر الحصن عرف في الوثائق البريطانية بأسماء عديدة أبرزها /القلعة/ و/الحصن/ و/قصر الحاكم/ و/دار الحكومة/ فهو مقر لحاكم أبوظبي في أواخر القرن الثامن عشر عندما تأسس كحصن صغير حول بئر ماء في موقع إستراتيجي ..ويعتقد أن بناءه كان في العام 1761م عندما قام الشيخ ذياب بن عيسى بقيادة شعبه من مقر إقامتهم في ليوا إلى أبوظبي التي كان ينظر إليها كمكان مثالي لرجال قبيلته.
ويذكر أن المركز الوطني يضم حالياً مجموعة من المقتنيات الخاصة ومنها عدد كبير من الوثائق التي عرفت بوثائق قصر الحصن يعود تاريخها إلى الفترة الممتدة من العام 1923م وحتى بداية حكم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وبدأت دولة الإمارات منذ أكثر من خمسة عقود مضت بعمليات تنقيب واسعة عن الآثار في مختلف أنحاء الدولة بالتعاون مع بعثات وجامعات عالمية مرموقة من مختلف دول العالم لتوثيق وتأصيل تاريخها وتراثها العريق في الحضارة الإنسانية على مر الأزمان.
وقد أظهرت المكتشفات الأثرية في الإمارات إجمالا أن سكان المنطقة كانوا يتقنون العديد من المهارات الحرفية والصناعات اليدوية منذ زمن بعيد يعود إلى أكثر من سبعة آلاف سنة قبل الميلاد.
وسجلت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في العام 2011 /48/ موقعاً أثرياً جديداً في المنطقة الواقعة ما بين الختم ومدينة زايد بالمنطقة الغربية تعود لفترة العصر الحديدي.
وتم الكشف عن هذه الآثار خلال فعاليات المؤتمر الدولي حول الآثار في دولة الإمارات الذي عُقد في 29 مارس 2011 بمدينة العين وأعلن فيه عن العثور خلال المسح الأثري للمنطقة الغربية على عدد من الأحافير المهمة ومنها فك علوي لفرس نهري وطبقات أحفورية لعدة حيوانات من ضمنها الفيل في موقع في بدع المطاوعة.
وستساعد هذه المكتشفات الخبراء المختصين في رسم تصور للعلاقة بين تلك الأحافير مع تكاثرها المكتشفة في أفريقيا وشبه الجزيرة الهندية ..كما أن هذه الأدلة الأحفورية والجيولوجية الموجودة في المنطقة الغربية تؤكد مجددا على وجود نهر كان يمر في المنطقة ضمن بيئة تحتوي على الغابات والمراعي وتتنوع فيها الحياة البرية والحيوانية.
وتتطابق هذه النتائج مع ما أظهرته المكتشفات التي تمت في المنطقة خلال العقدين الماضيين والتي بيّنت بأن أراضي المنطقة الغربية من أبوظبي قبل ستة إلى ثمانية ملايين سنة مختلفة عن الآن حيث كان فيها نهر يعج بأفراس النهر والتماسيح والسلاحف والأسماك وفيها كذلك غابات وأراض أشبه بالسفانا وكانت تسرح فيها حيوانات لم يعد لها وجود حالياً في أي مكان من الجزيرة العربية كالفيلة ووحيد القرن والزراف والنعام وغيرها.
وكانت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث حينها قد أعلنت في 5 أغسطس 2008 أن فريقاً من باحثيها قد اكتشف في المنطقة الغربية من إمارة أبوظبي هياكل عظمية لحوالي 40 حملاً برياً أوضحت فحوص (الكربون المشع) أن عظامها تعود لأكثر من ستة آلاف عام مما يعدّ اكتشافاً علمياً جديداً على مستوى العالم ..كما تمثل الهياكل العظمية للجِمال التي تم اكتشافها في منطقة بينونة الصحراوية أكبر عينة من عظام الجِمال البرية التي يتم اكتشافها في شبه الجزيرة العربية حتى الآن.
وأوضحت الهيئة أن الاكتشاف الجديد يمنحنا فرصة متميزة لتحري تاريخ الجمال في شبه الجزيرة العربية. وأضافت أن عظام الجمال استخرجت من الكثبان الرملية إلى الجنوب من “غابة بينونة” والتي كانت منطقة بحيرات منذ نحو ستة إلى تسعة آلاف سنة حين كانت الجمال تأتي إليها لشرب الماء وقد يكون أهل أبوظبي القدماء اعتادوا على صيد هذه الحيوانات نظرا لاكتشاف آثار لنصال حراب صوانية تم تصنيعها من قبلهم .. وأشارت إلى أنه من المتعارف عليه تقليديا أن تدجين الجمال تم في العصر البرونزي أي قبل نحو أربعة آلاف عام.
وتتواصل عمليات التنقيب الأثري التي تقوم بها فرق وطنية وبعثات أثرية عالمية من الولايات المتحدة الأمريكية وبلجيكا واليابان وألمانيا وإسبانيا والدانمرك وبريطانيا وغيرها من الدول والجامعات المرموقة في العالم لتجلية المزيد من الشواهد على أصالة وعراقة المنطقة وموروثها الحضاري.
وتشمل هذه العمليات العديد من المواقع الأثرية ومن أهمها مواقع جزيرة (أم النار) والقطارة وحفيت وهيلي والجيمي في إمارة ابوظبي وخور دبي والقصيص بدبي ومليحة وتل الأبرق والخان والحلو ودبا الحصن في الشارقة وسيح الحرف برأس الخيمة والدور والشبيكة بأم القيوين والجبلية وسكمكم ودبا ومسافي والبدية والبثنة بالفجيرة ومصفوت والزوراء والخنفرية بعجمان.
وحصرت جمعية التراث العمراني بدبي في إحصائية أصدرتها في شهر أبريل 2013 بمناسبة احتفال دولة الإمارات بيوم التراث العالمي عدد المباني التاريخية والأثرية التي قامت بتسجيلها مبدئياً في الدولة بنحو 3100 مبنى تاريخي من بينها 600 في أبوظبي و550 في دبي و600 في الشارقة و50 في عجمان و150 في أم القيوين و550 في الفجيرة و600 مبنى تاريخي في رأس الخيمة.
ويشكل المعرض الدولي للصيد والفروسية ملتقى تراثياً ثقافياً ويعبر عن ركيزة أساسية في استراتيجية تراث أبناء الإمارات في صون القيم والعادات والتقاليد التي يعتزون بها ومنبرا للترويج عالمياً لحضارة ممتدة توارثها الأجيال ..كما يُعد محطة مهمة على خارطة المعارض الدولية المتخصصة لما يُجسده من جهود في ترسيخ ثقافة الصيد المستدام وتشجيع استراتيجيات الحفاظ على التراث والقيم الأصيلة التي تتميز بها حضارة دولة الإمارات.
وافتتح سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية رئيس نادي صقاري الإمارات في 5 سبتمبر 2012 بمركز أبوظبي الوطني للمعارض المعرض في دورته العاشرة على التوالي بمشاركة أكثر من 630 عارضاً من 40 دولة من مختلف أنحاء العالم.
وأكد سموه أن دولة الإمارات كانت ولا تزال في مقدمة الدول التي تعمل بشتى الوسائل للحفاظ على تراثها الغني والقيّم الأمر الذي يحظى باحترام وتقدير من العالم أجمع إضافة الى مساهمتها المباشرة في حماية التراث الإنساني المشترك بين الأمم والشعوب ..وقال سموه إن المعرض بات مهرجاناً وملتقى لمحبي التراث والصحراء وهواة الصيد وركوب الخيل والشعراء ومحبي الإبل والسلق والمهتمين بالحفاظ على الطبيعة.
وينظم المعرض نادي صقاري الإمارات بالتعاون والتنسيق مع هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ويحظى بدعم ورعاية كل من مهرجان سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان للخيول العربية الأصيلة ومزرعة الوثبة ستود ومجلس أبوظبي الرياضي وشركة أبوظبي للاستثمار وشركة توازن التي ترعى قسم الأسلحة في المعرض.
ونجح المعرض في استقطاب العديد من المؤسسات الدولية المرموقة في مجال السياحة التراثية والحفاظ على الحياة البرية ومنها الصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى وجمعية مستشاري الحياة البرية الدوليين والرابطة العالمية للصقارة والمجلس العالمي للحفاظ على الصيد والحياة البرية.
واشتملت المعروضات في أجنحة المعرض على أسلحة صيد تقليدية وحديثة ومعدات ولوازم الصيد بالصقور ومستلزمات الفروسية والخيل من اكسسوارات وأزياء وغيرها ونماذج للمنازل المتنقلة الخاصة برحلات الصيد والتخييم في البراري عدا الفعاليات التراثية والثقافية المتنوعة والمسابقات الفنية في الشعر والأدب والتصوير الفوتوغرافي وعروض للفروسية وأجمل الخيول العربية وتحليق الصقور وكلاب الصيد ..إضافة إلى عرض للمشغولات اليدوية التراثية وصناعة وإعداد القهوة العربية وغيرها من الأنشطة والفعاليات التراثية.
ويهدف نادي تراث الإمارات الذي يحظى برعاية ودعم سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة رئيس النادي إلى المحافظة على التراث والهوية الوطنية وحفز الأجيال على التمسك بتراث الآباء والأجداد وغرس القيم والعادات والتقاليد والممارسات الأصيلة في نفوسهم.
وقد أشاد وفد من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” زار مقر النادي واطلع على أنشطته بدوره وجهوده في المحافظة على الهوية الوطنية وإحياء التراث الشعبي.
وينظم النادي على مدار العام المئات من الفعاليات والملتقيات والمهرجانات من خلال مراكزه ومقاره في أبوظبي والعين وسويحان وجزيرة السمالية والقرى التراثية ومدرسة الإمارات للشراع ورابطة هواة الفلك العديد من الأنشطة التي تُرسخ الموروث الشعبي وتُحيي مفردات التراث وتربط الأجيال بجيل الآباء والأجداد لكي يحافظوا على التراث الوطني.
ونفذ النادي بنهاية العام 2011 ما يزيد عن 500 نشاط من بينها ملتقى السمالية الصيفي في دورته الثامنة عشرة بمعدل مشاركة تبلغ نحو ألفين و200 طالب وطالبة وبرامج القوافل الثقافية في كافة أنحاء الدولة وفعاليات القرى التراثية وسباقات التجديف والمحامل الشراعية وسباقات الخيول والفروسية والقدرة وسباقات الهُجن والألعاب الشعبية وغيرها من الأنشطة والمهرجانات.
وشارك نادي تراث الإمارات على الصعيد الخارجي في العديد من المنتديات واللقاءات والمهرجانات أبرز من خلالها الصورة الحضارية للإمارات إلى جانب إرثها الحضاري والتاريخي المتوارث عبر الأجيال من أبرزها منتدى الشباب الأول لجنوب شرق أوروبا للتراث العالمي الذي نظمته المنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” بالشراكة مع اللجنة الوطنية الكرواتية والسلوفاكية لليونسكو بالتعاون مع وزارتي الثقافة في كلتا الدولتين.
وتحرص دولة الإمارات على الحفاظ على موروثها الثقافي والتراثي من خلال عدة فعاليات تنتظم في كافة أنحاء الدولة على مدار العام من بينها أيام الشارقة التراثية وعروض المتاحف والقرى التراثية في مدن الدولة والمهرجانات التراثية مثل مهرجان ليوا للرطب ومهرجان الظفرة لمزاينة الإبل بالمنطقة الغربية ومسابقات الصيد بالصقور وسباقات الخيل والفروسية والقدرة والقوارب والمحامل الشراعية والهُجن العربية الأصيلة وغيرها من الفعاليات التراثية.