وأوضح سمو ولي العهد أن المملكة العربية السعودية تعد أحد أكبر وأهم اقتصاديات العالم، ونسعى بجدية للعمل على مضاعفة حجم الاقتصاد وتنوعه. ولمتابعة تحقيق ذلك، نعدُّ في الحكومة الناتج المحلي غير النفطي هو المؤشر الرئيسي لنجاح خططنا الاقتصادية، لأن الناتج المحلي الإجمالي يتأثر بطبيعة الحال بتقلبات كميات إنتاج النفط، ولا تعد الحكومة هي المحرك الرئيسي لها.
وأضاف سموه “في عام 2016م، كانت قيمة الناتج المحلي غير النفطي تقدر بـ 1.8 ترليون ريال، وبدأنا في المملكة وضع خطط لمضاعفة ذلك بوتيرة سريعة. والنتيجة كانت نمواً متسارعاً في السنوات الثلاث الماضية، بنسبة 1.3% في 2017، و2.2% في 2018م، و3.3% في 2019م وأكثر من 4% في الربع الرابع من 2019م، وذلك على الرغم من بعض التحديات الاقتصادية.”
وأكد سموه : “على الرغم من الجائحة، وبشكل نسبي مع نظرائنا في مجموعة العشرين، فإننا نعدُّ أحد أفضل 10 دول في التعامل مع التبعات الاقتصادية لجائحة كورونا في مجموعة العشرين. ونحن أكثر تفاؤلا بأن وتيرة النمو ستتسارع مع زوال الجائحة وعودة الأمور لطبيعتها بالكامل؛ لنكون أحد أسرع دول مجموعة العشرين نمواً في الناتج المحلي غير النفطي في السنوات القادمة.”
كما أشار سمو ولي العهد بأن المملكة وضعت ملف البطالة كأحد أولوياتها، وقال سموه: “زيادة معدلات التوظيف هي على رأس أولويات الحكومة فقد بدأ العمل وفق رؤية 2030م على إصلاح سوق العمل وتوفير المزيد من الوظائف للمواطنين والمواطنات، ووضعت رؤية 2030 الوصول إلى نسبة بطالة 7% في العام 2030م كإحدى أهدافها.”
وأضاف سموه “أنه خلال عام 2018م، بلغت نسبة البطالة 13% تقريباً. وبسبب رفع كفاءة الأجهزة الحكومية واستثمارات صندوق الاستثمارات العامة والبرامج والمبادرات الحكومية الأخرى، رأينا نسبة البطالة تنخفض بشكل متتالٍ إلى 11.8% في بداية عام 2020م. وسنكون في نهاية عام 2020م من أقل الدول المتأثرة بجائحة كورونا في مجموعة العشرين التي ارتفعت نسبة البطالة في بعضها إلى 15% و20% وأكثر، ونعتقد أن البرامج والسياسات التي وضعتها الحكومة ستمكننا من تحقيق نسبة بطالة 7% قبل 2030م.” ونوه سموه بأن فئة النساء تمثل 64% من إجمالي نسبة البطالة، مؤكداً: “سيكون هدفنا التالي هو تحسين دخل المواطن”.
كما أشار سمو الأمير محمد بن سلمان إلى جهود المملكة في تعزيز الإيرادات غير النفطية وتأثيرها على الاقتصاد. وأوضح: “لقد توسعنا في الإنفاق الحكومي المباشر وغير المباشر منذ عام 2005م. ولمواكبة ذلك والحفاظ على التوسع في الإنفاق، قامت الحكومة وفق رؤية 2030 بعملية إعادة هيكلة واسعة لعدد من القطاعات بما يعزز من إيرادات الدولة غير النفطية، ولا يجعلها مرهونة لتقلبات أسعار النفط، وما يؤديه ذلك إلى الحد من قدرتنا على التخطيط ووضع أو تحقيق أي مستهدفات.”
وأضاف سموه “بالنظر إلى ما أعلن عنه العام الماضي لتوقعات ميزانية 2020م، كنا نتحدث عن إيرادات متوقعة للدولة تقدر سابقاً ب 833 مليار ريال، منها 513 مليار ريال إيرادات نفطية. وبعد انهيار أسعار النفط هذا العام، انخفضت الإيرادات النفطية فعلياً إلى 410 مليار ريال تقريباً. هذه الإيرادات وحدها غير كافية لتغطية حتى بند الرواتب المقدر بـ 504 مليار ريال في ميزانية هذا العام، ناهيك عن صعوبة تمويل البنود الأخرى، التي تشمل الإنفاق الرأسمالي بـ 173 مليار ريال والمنافع الاجتماعية بـ 69 مليار ريال والتشغيل والصيانة المقدرة بـ 140 مليار ريال وغيرها، هذا يعني ركود اقتصادي، وخسارة ملايين الوظائف”.
وأوضح سمو ولي العهد: “في حال لم نقم برفع الإيرادات غير النفطية إلى نحو 360 مليار ريال هذا العام، ولو بقينا على مستويات 2015م المقدرة بـ 100 مليار ريال تقريباً، لاضطررنا لتخفيض الرواتب للعاملين في القطاع العام بما يزيد عن 30%، وإلغاء البدلات والعلاوات بالكامل، وإيقاف الإنفاق الرأسمالي بالكامل، وعدم القدرة على تشغيل وصيانة أصول الدولة بالشكل المناسب، ولتوقفنا حتى عن دعم بند نفقات التمويل.”
“ومع ألمنا الشديد لإلغاء بدل غلاء المعيشة، إلا أننا نجحنا في الحفاظ على رواتب المواطنين وأغلب البدلات والعلاوات، والاستمرار بإنفاق رأسمالي بلغ 137 مليار ريال، وزيادة الإنفاق على بند التشغيل والصيانة، وتحمل ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية بسبب الجائحة، بما يصل إلى 188 مليار ريال، مع الالتزام الكامل ببند المنافع الاجتماعية والإعانات ودعم التمويل. كل ذلك يجعلنا نستذكر أهمية ألا يكون الوطن رهينة أي تقلب في أي قطاع كان، وبأن تنويع الإيرادات مهم وحيوي لاستدامة الدولة، ونعمل على ذلك بجدية من خلال استثمارات صندوق الاستثمارات العامة، ودعم قطاعات جديدة مثل السياحة والرياضة والصناعة والزراعة والنقل والفضاء والتعدين وغيرها، بالإضافة إلى العمل مع القطاع الخاص.”
ونوه سموه ببرامج الرؤية المرتبطة بالقطاعات الخدمية الأساسية قائلاً: ” تطرقت رؤية 2030 إلى جميع القطاعات في الاقتصاد، لكنني أود أن أضرب مثالاً بقطاع الإسكان. لعقود طويلة واجه قطاع الإسكان في المملكة العربية السعودية تحديات، سببها الأساسي غياب التخطيط وضعف حوكمة العمل الحكومي، حيث إن الحكومة كانت تعمل بآليات تناسب ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ولم تجرِ إعادة هيكلة الحكومة وإعادة هيكلة البيروقراطية الحكومية منذ ذلك الوقت، ما صعّب من تحقيق أي شيء رغم توفر الموارد والإمكانيات. ولقد تراكمت هذه التحديات حتى أصبح تملُّك المسكن أحد أبرز المشكلات الاجتماعية في السعودية، وأحد الهواجس الرئيسية للمواطن السعودي خلال العقدين الماضيين. وعند البدء في إعداد برنامج شامل لإصلاح الاقتصاد، التزمنا بوضوح في رؤية 2030 بأن نسعى لرفع نسبة تملّك المواطنين للمسكن بمقدار 5% خلال 4 سنوات، وكانت النسبة حينها 47% تقريبا، ما يعني الوصول إلى 52% في 2020م، النسبة التي تعدّ جيدة دولياً. لكننا اليوم وصلنا إلى 60%، متجاوزين الهدف بـ 8%”.
وأكد سمو ولي العهد: ” ليس لدي أدنى شك -إن شاء الله- بأننا سنتجاوز مستهدف 2030 البالغ 62% في 2025م، ما يعني أننا سنتجاوز المستهدف في عام 2030م. وسنكون أحد أعلى دول العالم في نسبة تملّك المساكن. ناهيك عن أنه خلال العشرين سنة الماضية كانت قائمة انتظار المواطن للمسكن تصل إلى 15 سنة تقريباً واليوم أصبح الاستحقاق بشكل فوري. هذا مثال لقطاع واحد كان أحد أكثر القضايا تعقيداً في المملكة، وتحول إلى قصة نجاح غير مسبوقة وبحلول مبتكرة وتكاليف أقل وخدمات أفضل، أسهمت في خلق ما يقارب 40 ألف وظيفة مباشرة، وما يزيد عن 115 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي”.
وتطرق سموه إلى التطور والانجازات التي تحققت في القطاع الرقمي، وأوضح: “حققت المملكة العربية السعودية المركز الأول في التنافسية الرقمية على مستوى دول مجموعة العشرين في الثلاث السنوات الماضية، وقفزت 40 مركزاً في مؤشر البنية التحتية الرقمية للاتصالات وتقنية المعلومات. ووضعنا استثمارات تجاوزت 55 مليار ريال في البنية الرقمية للمملكة، ما نتج عنها رفع مستوى متوسط سرعة “الإنترنت” حتى أصبحنا الدولة الأولى في سرعات الجيل الخامس، ومن ضمن الدول العشر الأولى عالمياً في سرعات “الإنترنت” المتنقل بعد ما كنّا خارج قائمة أعلى 100 دولة. وضاعفنا عدد المنازل المرتبطة بشبكة الألياف الضوئية 3 مرات من مليون منزل إلى من 3.5 مليون منزل. هذا التحول الرقمي الفريد من نوعه عالمياً مكننا من استمرار العمل لأكثر من 94% من الجهات الحكومية والقطاع الخاص في أثناء الجائحة، ورفع نسبة توطين الوظائف في القطاع إلى 50%”.
وأشار سمو ولي العهد إلى إسهام صندوق الاستثمارات العامة في تنمية الاقتصاد قائلاً: ” أصبح صندوق الاستثمارات العامة أحد المحركات الأساسية لنمو الاقتصاد السعودي، واستطعنا مضاعفة حجم صندوق الاستثمارات العامة من 560 مليار ريال الى ما يزيد عن 1.3 ترليون ريال تقريباً، وبخطى ثابتة نحو تحقيق هدف رؤية 2030 بأن تتجاوز أصول الصندوق 7 ترليون ريال، ليس ذلك فحسب، فمنذ تأسيس الصندوق كان معدل العائد على الاستثمار لا يتجاوز 2% في أفضل الحالات، ونحن اليوم في صندوق الاستثمارات العامة لا نحقق أقل من 7%. لدينا استثمارات تجاوزت عوائدها 70%، وأخرى تجاوزت 140%، وهذا تغيير استثنائي يوفر للدولة مداخيل مستدامة لم تكن موجودة في السابق، فلولا عملية إصلاح صندوق الاستثمارات العامة التي تمت بتوجيه من مولاي خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – بإعادة تشكيل مجلس إدارته وتكليفي برئاسته لأهميته البالغة في حاضر اقتصاد المملكة ومستقبله، ووضع سياسات لضخ استثمارات ضخمة داخل المملكة العربية السعودية خلال السنوات الماضية، لفقدنا أكثر من نصف النمو غير النفطي وغياب عدد كبير من الوظائف التي أوجدت، ولحدث انهيار في الطلب على عدد من الخدمات والمنتجات والمواد، ولإفلس عدد كبير من الشركات، خصوصاً في ظل انخفاض أسعار النفط.”
وأضاف سموه: “لنا أن نتخيل الاقتصاد السعودي بدون استثمارات الصندوق، حيث بلغت استثمارات الصندوق المحلية 78 مليار ريال في 2017، و79 مليار ريال في 2018م، و58 مليار ريال في 2019م، ونستهدف 96 مليار ريال في عام 2020م بمجموع 311 مليار ريال خلال السنوات الأربع الماضية، ما أسهم في خلق أكثر من 190 ألف وظيفة. مع التنويه أن الاستثمار المحلي للصندوق في تنمية وتطوير القطاعات لم يتجاوز 3 مليارات ريال سنوياً قبل 2017م، وفي عامي 2021م و2022م سيضخ الصندوق ما يقارب من 150 مليار سنوياً في الاقتصاد السعودي، وبازدياد سنوي حتى عام 2030م. وستُوفَّر هذه السيولة من خلال تسييل وإعادة تدوير استثمارات الصندوق للدخول في فرص جديدة، وخلق دورة اقتصادية محلية تمكّن بروز قطاعات جديدة، والإسهام في توفير إيرادات جديدة للدولة”.
وفيما يخص الحملة المستمرة للقضاء على الفساد في المملكة، ذكر سمو ولي العهد: “لقد انتشر الفساد في المملكة العربية السعودية خلال العقود الماضية مثل السرطان، وأصبح يستهلك 5% إلى 15% من ميزانية الدولة، ما يعني أداءً أسوأ من 5% إلى 15% على أقل تقدير في مستوى الخدمات والمشاريع وعدد الوظائف وما إلى ذلك. ليس فقط لسنة أو سنتين، ولكن تراكمياً على مدى ثلاثين سنة، وإنني بصدق أعد هذه الآفة العدو الأول للتنمية والازدهار وسبب ضياع العديد من الفرص الكبيرة في المملكة العربية السعودية. هذا الشيء أصبح من الماضي ولن يتكرر بعد اليوم على أي نطاق كان دون حساب قوي ومؤلم لمن تسوّل له نفسه، كبيراً أو صغيراً. ونتائج حملة مكافحة الفساد كانت واضحة للجميع، حيث بلغ مجموع متحصلات تسويات مكافحة الفساد 247 مليار ريال في الثلاث السنوات الماضية، وهذا يمثل 20% من إجمالي الإيرادات غير النفطية، بالإضافة إلى أصول أخرى بعشرات المليارات نُقلت لوزارة المالية، وستسجل في الإيرادات عندما تُسيّل بما فيها من عقارات وأسهم”.
ونوّه سمو الأمير محمد بن سلمان بجهود المملكة في مكافحة آفة الإرهاب والتطرف قائلاً: “كانت ظاهرة التطرف بيننا بشكل مستشرٍ، ووصلنا إلى مرحلة نهدف فيها – في أفضل الأحوال – إلى التعايش مع هذه الآفة، ولم يكن القضاء عليها خياراً مطروحاً من الأساس، ولا السيطرة عليها أمراً وارداً. لقد قدمت وعوداً في عام 2017م بأننا سنقضي على التطرف فوراً، وبدأنا فعلياً حملة جادة لمعالجة الأسباب والتصدي للظواهر، وخلال سنة واحدة، استطعنا أن نقضي على مشروع أيديولوجي صُنع على مدى 40 سنة. واليوم لم يعد التطرف مقبولاً في المملكة العربية السعودية، ولم يعد يظهر على السطح، بل أصبح منبوذاً ومتخفياً ومنزوياً. ومع ذلك سنستمر في مواجهة أي مظاهر وتصرفات وأفكار متطرفة. فقد أثبت السعوديون سماحتهم الحقيقية ونبذهم هذه الأفكار التي كانت دخيلة عليهم من جهات خارجية تسترت بعباءة الدين، ولن يسمحوا أبداً بوجوده بينهم مرة أخرى”.
وأضاف سموه: “أن خطاب الكراهية هو الدافع الرئيسي لتجنيد المتطرفين وأن ذلك يشمل خطاب الكراهية الذي يستخدم حرية التعبير وحقوق الإنسان كمبرر. فهذا النوع من الخطاب يستقطب خطاب كراهية مضاداً من المتطرفين، وهذا مرفوض بطبيعة الحال. والمملكة في الوقت الذي تدين وتنبذ كل عمل إرهابي أو ممارسات وأعمال تولد الكراهية والعنف وتلتزم بمواجهة خطاب التطرف، فإنها ترفض أي محاولة للربط بين الإسلام والإرهاب، وتؤكد على أن الحرية الفكرية وسيلة للاحترام والتسامح، كما أن الإسلام يجرّم هذه العمليات الإرهابية ويحرّم إراقة الدماء ويمنع الغدر بالآمنين وقتلهم بدون وجه حق. وإننا نتوعّد كل من تسوّل له نفسه القيام بعمل إرهابي واستغلال خطابات الكراهية بعقاب رادع ومؤلم وشديد للغاية، وإننا نأمل ان يتوقف العالم عن ازدراء الأديان ومهاجمة الرموز الدينية والوطنية تحت شعار حرية التعبير لأن ذلك سيخلق بيئة خصبة للتطرف والإرهاب”.
وأضاف سمو ولي العهد: “أنه منذ أول عملية إرهابية في 1996م وبشكل متزايد حتى عام 2017م، يكاد لا يمر عام بدون عملية إرهابية. بل وصل الحال إلى عملية إرهابية في كل ربع عام أو أقل. بل إنه بين عامي 2012م و2017م وصل هؤلاء الإرهابيون إلى داخل المقرات الأمنية نفسها، ومنذ منتصف عام 2017م، وبعد إعادة هيكلة وزارة الداخلية وإصلاح القطاع الأمني، انخفض عدد العمليات الإرهابية في السعودية حتى اليوم، إلى ما يقارب الـ “صفر” عملية إرهابية ناجحة باستثناء محاولات فردية معدودة ولم تحقق أهدافها البغيضة. فعملنا اليوم أصبح استباقياً، وسنستمر في الضرب بيد من حديد ضد كل من تسول له نفسه المساس بأمننا واستقرارنا.”
وأكد سموه أن المملكة العربية السعودية تشهد نقلة نوعية في قطاعات جديدة وواعدة نظراً لما تمتلكه المملكة من إرث ثقافي وتنوع جيوغرافي وديموغرافية فريدة من نوعها تتيح للمملكة أن تكون في مصاف أكبر الدول في قطاعات السياحة والثقافة والرياضة والترفيه وغيرها، وبهذا الصدد أوضح سموه: “نعمل وفق رؤية 2030 لتنمية هذه القطاعات، وإن رؤيتنا لهذه القطاعات واعدة جداً، وأود أن استشهد بعدد من المنجزات والأرقام التي تحققت في مدة وجيزة جداً. لقد أعيدت هيكلة قطاع السياحة في الفترة الماضية ورفعنا نسبة إسهام القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي ليبلغ 3.6% في 2018م. هذا النمو فتح قطاعات عمل جديدة وأسهم في توظيف مئات لآلاف من السعوديين والسعوديات وما زلنا في البداية”.
وأضاف سمو ولي العهد “لقد عانينا في المملكة العربية السعودية من التصحُّر وشحّ الأمطار وموجات الغبار المتكررة. ومنذ عام 2016م، عملنا على رفع نسبة المحميات الطبيعية من 4% إلى ما يزيد عن 14% من إجمالي أراضي المملكة العربية السعودية، وأنشأنا قوة خاصة للأمن البيئي بلغ عدد منسوبيها 1100 فرد، ونستهدف رفع العدد إلى 10,000 فرد، خلال الأربع السنوات القادمة، وتبنينا العديد من المبادرات لرفع نسبة الغطاء النباتي خلال السنوات الماضية، وغيرها من المبادرات. كما سنقدم مبادرات ضخمة لحماية البيئة في العالم في إطار رئاستنا لمجموعة العشرين”.
وفي قطاع الرياضة أوضح سموه “لقد ارتفعت نسبة المواطنين الممارسين للرياضة من 13% في 2015م إلى 19% في عام 2019م. ونما إسهام القطاع في الناتج المحلي من 2.4 مليار ريال في 2016م إلى 6.5 مليار ريال في 2018م بزيادة تقدر بـ 170% خلال عامين فقط. كذلك عملنا على تطوير الاتحادات الرياضية كافة وزيادة عددها، فعلى سبيل المثال لم يقم الاتحاد السعودي للسيارات منذ تأسيسه باستضافة أي بطولة دولية. بينما في آخر سنتين فقط، نجح الاتحاد باستضافة أهم ثلاث بطولات في العالم وهي “الفورمولا اي، وفورمولا 1، ورالي دكار”. وفي كرة القدم استطعنا رفع القيمة السوقية للدوري السعودي ليصبح الأعلى من بين الدوريات العربية، ومن أعلى 20 دورياً على مستوى العالم، ونعمل كذلك بالزخم نفسه على بقية الاتحادات.”
وفيما يتعلق بقطاع الترفيه، قال سموه: “لقد حرصنا على تسهيل الحصول على تراخيص الفعاليات ما نتج عنه ارتفاع عدد الفعاليات المقامة في المملكة إلى أكثر من 3400 فعالية في 2019م أسهمت في رفع معدلات الإنفاق للمواطنين والمقيمين والزوار والسياح داخل المملكة العربية السعودية، ما أسفر عن توفير عشرات الآلاف من الوظائف الدائمة ومئات الآلاف من الوظائف الموسمية”.
وفي قطاع الثقافة نوه سمو ولي العهد ” لقد كان الانخراط في المجالات الثقافية من الممنوعات ولكننا اليوم نرى وزارة الثقافة تنشئ 11 هيئة تعمل بشكل قوي على تنمية القطاعات الثقافية كافة ما أثرّ كثيرا جداً على خلق الوظائف وتنمية الاقتصاد وتحسين جودة الحياة وجعل وطننا أكثر قدرة على استقطاب الكفاءات العالمية والسياح.”
وأضاف سمو ولي العهد: “أن لقطاع الفضاء أثرا مباشرا على الاتصالات والتقنية وله ارتباط بالكثير من القطاعات مثل البيئة والنقل وغيرها، وسيكون ممكِّـنا أساسيا للعديد من القطاعات في المستقبل القريب. لذلك حرصت أن أرفع لمقام مولاي خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – في عام 2018م بتأسيس هيئة للفضاء واقتراح مجلس إدارة لها. والآن نعمل من خلال مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية والجهات المتخصصة على اعتماد إستراتيجية المملكة للفضاء للعشر السنوات القادمة، وتكليف هيئة الفضاء بتنفيذها، وسيُعلن عن تفاصيلها لاحقا.”
وأضاف سموه: “إن إصلاح بيئة العمل وتطوير الخدمات ممكّن رئيسي، فعلى سبيل المثال خُفِّض إجمالي متطلبات التراخيص الاستثمارية بنسبة 50%، وإصدار السجلات التجارية وتراخيص البلدية بشكل فوري وإلكتروني، وتخليص الحاويات في 24 ساعة بعد أن كانت تصل إلى أسبوعين، وأطلق ما يزيد عن 279خدمة في منصة “أبشر” يستفيد منها 18 مليون مستفيد، بالإضافة إلى منصة “ناجز” التي أسهمت في استقبال عشرات الآلاف من الخدمات العدلية الإلكترونية، وإنجازها خلال دقائق.”
وتطرق سمو ولي العهد إلى جهود المملكة العربية السعودية في ملف الحقوق، وأشار إلى ” أنّ المرأة السعودية في السابق لا تستطيع السفر بدون تصريح، ولا تستطيع حضور المناسبات الرياضية والثقافية، ولا تستطيع قيادة السيارة، ولا تستطيع ممارسة الكثير من الأعمال، ولا تستطيع إنهاء قضاياها دون محرم، وقد عانت من ذلك لعشرات السنين، أما اليوم فتعيش المرأة السعودية مرحلة تمكين غير مسبوقة. فلقد عملنا على تمكين المرأة السعودية في مجال العمل والأحوال الشخصية، وباتت اليوم فعليا شريكا للرجل السعودي في تنمية وطننا جميعاً دون تفرقة. أنا لا أتطرق إلى قيادة المرأة السيارة فقط، أنا أتحدث عن تقديم الفرصة لها لتقود التنمية في وطنها بالمعنى الأشمل. فعلى سبيل المثال، تضاعفت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 17% إلى 31%.”
وأضاف سموه ” فيما يخصّ حقوق الوافدين، قمنا بإجراءات متعددة لإعادة هيكلة العلاقة التعاقدية بما يحفظ حقوقهم ويسهم في رفع درجة النضج في سوق العمل، وعملنا على تصحيح أوضاع ما يقارب نصف مليون وافد على أرض المملكة، لنستقطب العمالة المؤهلة ذات القيمة المضافة. وقد إطلقت مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية بما يمنح العامل الوافد مزيدا من حرية التنقل الوظيفي، ومن المتوقع أن تؤدي هذه المبادرة إلى رفع إنتاجية العامل وزيادة التنافسية في الاقتصاد السعودي.”
واختتم سمو الأمير محمد بن سلمان حديثه “هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق بدون إيمان وعمل المواطن السعودي الذي أصبح اليوم سبّاقا في المبادرة والإنجاز والعمل. وقد كلّفت معالي وزير الإعلام والوزراء المعنيين بعقد مؤتمر صحفي دوري لمناقشة مستجدات أعمال الحكومة وتفعيل قنوات التواصل مع الفئات كافة، والإجابة على الاستفسارات والأسئلة. وأخيراً، أود أن أجدّد شكري لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – لإطلاق الفرص ودعم العمل والإنجاز، وأشكر الشعب السعودي الجبّار لقيامه بعمل رائع؛ استطعنا من خلاله أن نحقق الكثير، وأشكر القطاعين العام والخاص لتضافرهم وعملهم الدؤوب لتحقيق مستهدفات رؤية 2030.”
الرياض 26 ربيع الأول 1442 هـ الموافق 12 نوفمبر 2020 م واس