مجلة الآثار – د. جاسر الحربش معلناً الاكتشاف الأثري الجديد: “عندما نبحث ونكتشف فإننا في الوقت نفسه نصنع إرث الغد ونقدم رسالتنا للمستقبل”.
“ويعتبر هذا الحدث انعكاساً وطنياً هاماً يرتبط بتاريخ هذه الأرض ومكانتها الأساسية في مسيرة الحياة عبر التاريخ”.
ومؤكداً على القيمة الحضارية والتاريخية للمملكة:
“مثلما تكشف أعمال الحفر والتنقيب عن النفط والذهب وكنوز الأرض، فإنها تصلنا بإرث حضارات قديمة سكنت في وطننا وقدمت لنا دليلاً على أن هذه البقعة من العالم كانت وما زالت مصدر إشعاع حضاري لا ينضب”.
” تحتضن المملكة العربية السعودية في جوفها العديد من الدلائل المهمة التي تشير إلى أهمية الجزيرة العربية، ومدى مساهمتها الحضارية في مسيرة الحياة عبر التاريخ.
يمثل هذا الكشف الأثري الدليل العلمي الأول على اقدم وجود للإنسان على ارض الجزيرة العربية حتى الآن، ويقدم لمحة نادرة عن بيئة الأحياء في أثناء تنقل واستقرار الإنسان في هذه المنطقة حيث عثر فريق سعودي دولي مشترك على آثار أقدام لبشر وفيلة وحيوانات مفترسة حول بحيرة قديمة جافة على أطراف منطقة تبوك يعود تاريخها إلى أكثر من 120 ألف سنة.
ووفقاً لنتائج المسح الأثري فقد تم التعرف على طبعات أقدام سبعة أشخاص وآثار للجمال بواقع 107 طبعات أثر، والفيلة بـ 43 طبعة أثر، وآثار طبعات أخرى لحيوانات من فصيلة الوعول وفصيلة البقريات، والتي كانت تتنقل في مجموعات فيها الكبير والصغير. كما تم العثور على نحو 233 أحفورة تمثل بقايا عظمية للفيلة والمها، ودلالات على وجود حيوانات مفترسة من خلال التعرف على آثار أنيابها على بعض القطع العظمية الحيوانية”.(1)
كما رد رئيس هيئة التراث خلال المؤتمر الصحفي للإعلان عن هذا الاكتشاف الاثري ، على سؤال رئيس تحرير مجلة الآثار، هل أكتشف ايضا مصنوعات وأدوات ومنشآت من صنع الإنسان في هذه المنطقة؟،
بأنه سؤال علمي وصحيح تم اكتشاف أدوات ومعثورات من صنع الإنسان سوف يعلن عنها الفترة القادمة.
“ومع انتهاء العصر الحجري القديم الأدنى وبدء العصر الحجري القديم الأوسط، في نهاية عصر البليستوسين الأوسط حصلت في مجتمعات الباليوليت الأدنى مؤشرات تبدل، فالفؤوس، حيثما وجدت، أصبحت أصغر حجماً والرقائق غدت نسبها أكثر أهمية وصنعت بشكل أفضل، كما انتشرت تقنية التصنيع اللفلوازي. إضافة الى ذلك تطورت الأدوات الصغيرة المصنعة على الرقائق (الشظايا) كالمقاحف والحراب والأدوات المسننة. وقد وصلت هذه التبدلات أوجها في بداية العصر الجليدي الأخير، فيرم حسب تقسيمات منطقة الألب. ونجد، في كل مكان في العالم القديم تقريبا، صناعات أخذت أسماء مختلفة جداً، ولكنها تصنف عموماً على العصر الحجري القديم الأوسط، الباليوليت الأوسط، لقد حصلت هذه التبدلات في بيئات مختلفة جداً، من أفريقيا الجنوبية حتى أوربة الغربية، وعلى امتداد الزمن العائد الى ما قبل العصر الجليدي الأخير والى العصر الجليدي الفاصل، وبل وحتى العصر الجليدي الأخير، في بعض المناطق.
ولكن هذه الظاهرة ذات الاتساع العالمي والأهمية الحيوية لتطور البشرية الحضاري، ليست معروفة بشكل جيد، وذلك لان المجموعات المعنية تؤرخ بخاصة على العصر الجليدي الفاصل الأخير الذي لم يساعد كثيراً على قيام الترسبات النهرية والبحيرية. وبالمقابل فقد قامت في المناطق الساحلية، أثناء عصور المد البحري، مواقع يمكن تأريخها بشكل جيد. وهكذا فغالباً، وكما كان الحال في الباليوليت الأدنى الحديث، ما نلاحظ وجود فراغ ستراتغرافي وأثري بين الآشولي والبالوليت الأوسط”.(3)
(1) هيئة التراث
(2) ويكيبيديا.
(3) حضارات العصر الحجري القديم، فرنسيس أور، تعريب سلطان محيسن، ص (91- 92).