اختزل مَعلْم “الطاحونة” بمحافظة القنفذة ، جزءا من الحقبة التاريخية التي تعود إلى ما قبل 200 عام تقريباً محتفظاً برونقه المعماري الفريد الحي الذي يقف شامخاً؛ ليقدم رسالة حضارية وثقافية مفادها أن المملكة مهد للحضارات .
وتزخر القنفذة بالعديد من المعالم السياحية والتراثية، والنهضة التنموية، ومن بينها معلم الطاحونة الذي يبعد عن شاطئ البحر الأحمر مسافة أقل من 500 متر، حيث ظهر فيه فن الهندسة المعمارية السائد في تلك الحقبة من الزمن والذي يعكس التراث السائد في المنطقة .
واعتُمد في بناء المعَلم على الحجر البحري ، والشكل الأسطواني بقطر 7 أمتار ، وارتفاع يصل إلى 7 أمتار ، وسُمك جدارها متراً واحداً تقريبا ، في حين تم إنشاؤه آنذاك لطحن الحبوب بمحرك يعتمد على الأشرعة والهواء .
فيما جرى استبدال استخدام المعلم الأثري في ذاك الوقت ليكون مخزناً لبعض المواد البترولية مثل : الكاز، والبنزين، والزيوت، بغية تموين سيارات البريد آنذاك والتي تعمل بين كل من مدن مكة المكرمة، وجدة، وجازان ومسارها إلى القنفذة وغيرها من مدن المملكة، حيث سُميت آنذاك بــ” الكازخانة ” .
وفي هذا الصدد أكد مدير عام فرع وزارة السياحة ، بمحافظة القنفذة محمد المتحمي أن معلم الطاحونة يُعد أحد أبرز المواقع والمعالم الأثرية التي تزخر بها المحافظة، مفيداً أنه تم تنظيم العديد من الزيارات لمختلف شرائح المجتمع ، تعرفوا خلالها على العديد من معالم المحافظة ومواقعها التراثية والسياحية ومنها معلم الطاحونة، وأن بناء المعلم كان مُحكماً في بنائه ودليل متانته وصلابة تماسكه وقوفه في وجه التيارات الهوائية طيلة تلك السنون .
من جانبه أبان الباحث في التاريخ والبلدانيات عضو جمعية تراث القنفذة الدكتور محمد خريص المرحبي ، أن معلم الطاحونة بُني بأمر من القادة العثمانيين إبّان القرن الحادي عشر إلى الثاني عشر ، مُعزياً ذلك لتوافق بناءها مع طواحين بنفس الشاكلة في المدن الساحلية التابعة للدولة العثمانية .
وأشار الدكتور المرحبي إلى أن ريع تلك الطاحونة كان يرجع للدولة وقتها في ما تراه مناسباً ، ويدل على ذلك متانة بنائها وجودة أحجارها، لافتاً إلى وجود المعلم خارج أسوار محافظة القنفذه القديم بالقرب من الشاطئ، وأنها كانت تقوم بالاكتفاء الذاتي لأهل المنطقة، وأحد رموز التنمية آنذاك .
وتطلع الباحث المرحبي في ختام حديثه من هيئة السياحة والتراث الاهتمام بتلك الآثار خاصة وأن محافظة القنفذة غنية بالعديد من الآثار مثل : قرية عشم الأثرية ، والحصون المتناثرة بين جنبات المحافظة ، وجزيرة الصبايا ، ومعلم الدوائر غريبة الشكل شرق المحافظة .
ولعل المُتابع لتلك المعالم الأثرية التي يعود تاريخها إلى حضارات مختلفة يُدرك مدى التنوع الزاخر لمصادر تجارب الماضي الذي يعكس السمات التراثية والثقافية للشعوب التي صنعت تلك الحوادث .
جدة 17 ذو الحجة 1441 هـ الموافق 07 أغسطس 2020 م واس
إعداد / رشيد الزهراني