إذا أردت أن تستشهد بزمن الإنسان القديم ومسيرة الحياة البشرية في عصور ما قبل التاريخ فما عليك إلا أن تأخذ جولة في المملكة العربية السعودية حيث الآثار المتنوعة في مختلف مناطقها التي بقيت معالمها ونقوشها ظاهرة إلى وقتنا الحالي كما في “مغارات شعيب” التي يعود تاريخها إلى أكثر من 5000 سنة، ومرت بها حضارات وعصور لم يغير الزمن معالمها حتى يومنا هذا وتجتمع فيها جوانب المعارف والعِبر.
ومغارات شعيب كانت مستوطنة زراعية من عام 100 ق. م حتى عام 550 م ، وتقع في محافظة البدع 220 كيلو متراً غرب مدينة تبوك، وتوزعت وفق مخطط هندسي أبدع في صنعه إنسان تلك الأزمنة من عمر البشرية، وهي عبارة عن مقابر جماعية منحوتة في تكوين جبلي متوسط الارتفاع من الصخر الرملي يحتفظ بعضها بزخارف جميلة مماثلة لواجهات المقابر النبطية في مدائن صالح، وتمتاز بوجود نتوءات لزخارف مدرجة، وأثر ظاهر لتيجان من الأعمدة كورنثية الطراز.
ويمكن الوصول إلى البدع من تبوك عبر شاطئ شرما الجميل وهو طريق مختصر يمر عبر أكثر من مرتفع جبلي وإما عن الطريق الساحلي المحاذي للبحر الأحمر وكلاهما طريق جبلي يتخلله بعض المرتفعات الجبلية.
ويضم موقع “مغارات شعيب” الأثري متحفاً مصوراً يُمكن السائح من التعرف على المكان وما خلفه الإنسان من معالم وآثار ، حيث يجد السائح فيه معلومات ثرية وأثرية تتحدث عن أصل المسمى الذي اشتهر به المكان خلال العصور الإسلامية الوسيطة والمتأخرة.
وتفيد النقوش الموجودة التي يعود عمر أقدمها إلى 1900 للميلاد بأن هذه المقابر تعود إلى العصر النبطي في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وقد يرجع تاريخ بعضها الآخر إلى أقدم من ذلك ، وتزينها عناصر معمارية منفذة بطريقة النحت البارز والجذاب ، ليضع هذا الموقع التاريخي على خارطة أهم الجهات السياحية بالمملكة.
تبوك 03 ذو الحجة 1441 هـ الموافق 24 يوليو 2020 م واس
إعداد : محمد آل فيه – تصوير : فهد العساف – محمد الشريف.