شارك صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان ، وزير الثقافة، في المؤتمر الافتراضي الاستثنائي الذي أقامته منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” اليوم بحضور أصحاب المعالي وزراء الثقافة والتراث في العالم الإسلامي، وذلك لمناقشة التحديات الراهنة تحت شعار “استدامة العمل الثقافي في مواجهة الأزمات (كوفيد-19)”.
وأكد سمو وزير الثقافة في الكلمة التي ألقاها في المؤتمر على قوة الثقافة والوعي والتكاتف في التخفيف من تأثيرات جائحة فايروس كورونا المستجد، منوهاً بالإجراءات الاحترازية المبكرة التي اتخذتها المملكة تجاه هذه الجائحة والتي “شكّلت المعنى الحقيقي لمفهوم الإنسان أولاً، وعكست مبادئ الدين الإسلامي الحنيف على أرض الواقع”.
وأشار سموه إلى أن تحديات هذه الجائحة واجهت القطاعات كافة ومن بينها القطاع الثقافي في هذه الأزمة “إلا أنه وبفضل الله ثم بفضل قرارات قيادة بلادي، تمكنّا من تعزيز الحضور الثقافي في المجتمع عبر قوالب مبتكرة، لإدراكنا التام بأن الثقافة متجددة وقادرة على التكيّف مع الواقع المتغير بكل تحولاته”.
وعبر سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان في ختام كلمته عن أمنيته بأن يكون هذا المؤتمر فرصة للمشاركة والتعاون على تجاوز التحديات والسير بالنشاط الثقافي نحو مرافئ آمنة ليحقق أهدافه التنموية المرجوة.
من جانبه قال معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين في كلمته بالمؤتمر الاستثنائي الافتراضي لوزراء الثقافة في الدول الأعضاء، الذي يقام تحت شعار ” استدامة العمل الثقافي في مواجهة الأزمات (كوفيد-19) ” نجتمع اليوم في ظلّ ظروفٍ استثنائيةٍ، فُرضت على العالم بأسره، جراء تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، وتَأثرت بتداعياته القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية في دولنا الأعضاء، ومن ضمنها قطاع الثقافة، موضوع اجتماعنا اليوم، فمنذ أن بدأت دول العالم، ومن بينها دولنا الأعضاء، باتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة للحد من تفشي الوباء، تأثّر حقل الثقافة تأثراً سلبياً كبيراً حيث أُغلقت المؤسسات الثقافية، والمتاحف، والمسارح، وأُلغيت العديد من الأنشطة الثقافية مثل: المعارض، والمهرجانات الثقافية والموسيقية والسينمائية، وتسببت هذه الإجراءات بخسائر كبيرة للصناعات الثقافية، ولأصحاب مهن الفن والإبداع، بالإضافة إلى تأثر قطاع السياحة جراء ابتعاد المجتمعات عن السفر إلى الأماكن السياحية ” .
وأكد الدكتور العثيمين أن منظمة التعاون الإسلامي إطلقت جملة من المبادرات في مختلف المجالات السياسية والإنسانية والاقتصادية والصحية والاجتماعية والتربوية في إطار الاستجابة لمتطلبات وتحديات المرحلة الراهنة، لدعم جهود الدول الأعضاء في مواجهة هذه الجائحة ، ومنها هذا الاجتماع اليوم لبلورة آلية تضمن استدامة العمل الثقافي في مواجهة الأزمات كجائحة كورونا .
وأشار إلى أن منظمة التعاون الإسلامي ومؤسساتها المعنية قامت بالعديد من الجهود والمبادرات في سياق دعم جهود الدول الأعضاء في التصدي للجائحة ولتداعياتها السلبية على مختلف القطاعات ، منها مبادرات البنك الإسلامي للتنمية، وصندوق التضامن الإسلامي، والايسيسكو، وجهود مجمع الفقه الإسلامي، وغيرهم من المؤسسات المعنية، مؤكداً أن المنظمة أولت أجهزتها ذات الصلة اهتماماً خاصاً بالدول الأعضاء الأقل نمواً والأكثر معاناة نتيجة تداعيات جائحة كورونا في مسعىً منها لتعزيز قدراتها لمواجهة هذا الوباء والتخفيف من وطأة آثاره السلبية .
وأبان أن اجتماع اليوم يناقش التعاون والتضامن من أجل مواجهة تداعيات هذه الجائحة على قطاع الثقافة، أحد أهم القطاعات الحيوية، لما له من تأثير اقتصادي على مجتمعاتنا ، حيث أصبح من الضرورة بحث البدائل التقنية المناسبة لتتيح للمجتمعات متابعة الحراك الثقافي، وتفعيل استخدام الفضاء الإلكتروني لتعزيز التبادل الثقافي .
وأعرب العثيمين عن شكره لمنظمة الأيسيسكو، والقائمين علىيها على تنظيم هذا المؤتمر ولكل الدول الأعضاء المشاركة، على جهودها الحثيثة في مواجهة تداعيات جائحة كورونا.
من جانبه أكد المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو- الدكتور سالم بن محمد المالك، أن الثقافة الرقمية هي الوجه الجديد للعمل الثقافي المستقبلي، مما يحتم اعتمادها أسلوب عمل ثابت لاستدامة العمل الثقافي، وتنمية السياحة الثقافية، وتمكين الثقافة الرياضية، من خلال توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العمل الثقافي، والاستعانة بالمبدعين في هذه المجالات.
وأكد أن التحولات التي يشهدها العالم في شتى المجالات، تحتم على الدول الأعضاء قيادة مسيرة الحراك الثقافي الجديد وأن تكون سباقة نحو ذلك بكل ثقة وقدرة على الاستشراف، للمساهمة في ضمان مستقبل زاهر ومجتمعات آمنة للأجيال القادمة.
وأشار المالك إلى أن البرامج الثقافية عن بُعد خلال فترة الحجر الصحي ساهمت في تخفيف وطأة الضغط النفسي والاجتماعي، وفي التعويض من انعكاسات إغلاق ما يفوق 95% من المؤسسات الثقافية، منوها بالمبادرات الرائدة التي أطلقتها الإيسيسكو في ظل هذه الظروف الاستثنائية.
بدورها، أكدت وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة بدولة الامارات العربية المتحدة، رئيسة المؤتمر، نورة الكعبي ان المؤتمر ينعقد في ظروف استثنائية نتيجة لتداعيات جائحة كورونا، ويتدارس مواضيع استدامة العمل الثقافي في ظل هذه الظروف، مشيرة إلى ان المشاكل الناتجة عن الجائحة تؤكد ضرورة إيجاد الاليات التنسيقية والرؤى الموحدة لمواجهة التحولات العميقة الطارئة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياحية، مبرزة أهمية توسيع نطاق التطبيقات الرقمية في المجال الثقافي، وابتكار الحلول لتطوير هذا القطاع.
كما شكرت الوزيرة العاملين في منظمة الايسيسكو وفي مقدمتهم مديرها العام على ما قدموا من مبادرات مميزة لتوسيع دائرة المعارف، وإتاحة الثقافة عن بعد، واعداد المشروع الاستراتيجي الثقافي الرقمي.
وفي كلمة المديرة العامة لمنظمة اليونسكو، التي ألقاها نيابة عنها مساعد المديرة العامة للثقافة إرنستو أوطون رامريز، تمت الإشارة إلى جهود اليونسكو لمواجهة تداعيات الأزمة الناتجة عن جائحة كوفيد-19، والإشادة بجهود الإيسيسكو المميزة لدعم دولها الأعضاء لتخطي تداعيات الجائحة، والتأكيد على الدور المهم الذي يمكن أن تقوم به منظمة الإيسيسكو في دعم جهود التحول الرقمي.
وفي ختام الجلسة الافتتاحية تم عرض شريط قصير أنتجته الإيسيسكو حول الجوائز التي خصصتها لتحفيز الإبداع الفني والأدبي لدى الناشئة والشباب.
كما تم عرض شريط قصير أعدته المنظمة أيضاً حول “بوابة التراث في العالم الإسلامي”، التي أنشأتها إدراكاً منها لما يتوفر عليه العالم الإسلامي من رصيد تراثي يتهدد الخطر نسبة كبيرة منه تقارب 80%. وسيتم من خلال هذه البوابة تسجيل المواقع الأثرية وعناصر التراث غير المادي على لائحة التراث في العالم الإسلامي.
الرباط 25 شوال 1441 هـ الموافق 17 يونيو 2020 م واس