من المشاهد والحلقات غير المكتملة، إلى مواقع التصوير المعقّمة ضد فيروس كورونا المستجد، تواجه مسلسلات رمضان المحبوبة في منطقة الشرق الأوسط صعوبة في إبقاء آلات تصويرها تعمل قبل ثلاثة أسابيع من بداية شهر الصوم.
فقد فرضت دول في المنطقة قيودا مشدّدة بهدف الحد من انتشار الفيروس، ما أجبر العديد من استديوهات التصوير على إغلاق أبوابها أو العمل في ظل إجراءات حماية صارمة.
في الوقت ذاته، طُلب من السكان الابتعاد قدر الامكان عن الطرق والعمل من منازلهم، ما قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد مشاهدي القنوات التلفزيونية ويضاعف الضغوط على تلك القنوات لتقديم محتوى غني بشكل متواصل.
وقال مدير حيازة البرامج في إحدى القنوات العربية ومقرّها دبي لوكالة فرانس برس “لدينا أربعة مسلسلات رمضانية كنا قد بدأنا تصويرها في لبنان إضافة إلى مسلسل آخر في سوريا. كلّها متوقّفة حاليا”.
وأضاف طالبا عدم الكشف عن اسمه أو اسم القناة “لقد بدأ العد العكسي. نحتاج إلى كل محتوى نستطيع حيازته قبل رمضان. إذا لم نتمكن من إنهاء مسلسلاتنا، فسنشتري من شركات إنتاج خارج (القناة) حتى لو كان ذلك على حساب النوعية”.
وبحسب استطلاعات رأي أجريت في المنطقة، يشاهد نحو 90 بالمئة من سكان الشرق الاوسط القنوات التلفزيونية.
وتزداد أعداد المشاهدين في شهر رمضان وترتفع أسعار الإعلانات بشكل جنوني أحيانا عند فترتي الإفطار والسحور خلال شهر الصوم الذي يبدأ هذا العام في الأسبوع الثالث من شهر نيسان/أبريل الحالي.
وتتنوّع مواضيع المسلسلات التي يجتمع أفراد العائلة لمتابعتها معا، من حروب العصابات في القرى النائية إلى التاريخ والحب والخيانة والفكاهة وغيرها، في ظل منافسة محتدمة بين القنوات لاستقطاب المشاهدين، إلى جانب المنافسة التي تخوضها تلك القنوات مع تطبيقات على الانترنت مثل نتفليكس وستارز بلاي.
– لا تضحكوا –
بالنسبة إلى جمال سنان، صاحب شركة “ايغل فيلمز” للإنتاج، هناك سباق مع الوقت لإعادة تشغيل آلات التصوير في مواقع مسلسلات شركته الثلاثة قبل حلول رمضان.
وقال سنان لفرانس برس “نحن ملتزمون حاليا بالقرارات في انتظار أن نجد صيغة معينة، إذ ربما سنعاود العمل بعدد قليل مع المصورين في الاستوديو (…) لكن لا نعرف متى”.
وتابع “كل ذلك رهن الظروف لنستطيع أن نكون جاهزين في شهر رمضان”.
وتلعب الممثلة اللبنانية سيرين عبد النور في أحد مسلسلات الشركة دور خيّاطة تقع في حب صاحب دار للأزياء.
ونشرت عبد النور على حسابها على تطبيق انستغرام تسجيلا مصوّرا لها وهي ترتدي كمامة وقفّازين بينما يقوم شاب برشها بمعقم وقد أغمضت عينيها، قبل أن تدخل منزلا كان يجري فيه تصوير أحد مشاهد المسلسل قبل توقّف العمل.
وكتبت في أسفل الفيديو على حسابها الذي يتابعه نحو 8,9 ملايين مستخدم “أرجوكم لا تضحكوا عليّ، لكن هكذا كنا ندخل موقع التصوير. الله يُمضي هذه الفترة على خير حتى نعود للتصوير”.
وبينما توقّف التصوير في دول عديدة بينها لبنان والكويت، لا تزال الكاميرات تعمل في دول أخرى من بينها الإمارات إنما في ظل إجراءات صارمة بينها تقليل أعداد المصوّرين وفرق الانتاج.
– بحاجة للمسلسلات –
وتقوم مجموعة “أم بي سي” التي عادة ما تتربّع على عرش القنوات خلال رمضان، بتعقيم مكاتبها واستديوهاتها ومواقع التصوير الخاصة بها بشكل متواصل، حسبما أفاد المتحدث الرسمي باسمها مازن حايك.
وقال حايك “تنتشر وحدات الطوارئ المتنقلة خارج مداخل مبانينا ومكاتبنا ومقراتنا في البلدان التي نتواجد فيها”.
في مصر حيث يعتبر التلفزيون مصدر إيرادات ضخم في بلد يبلغ عدد سكانه نحو 100 مليون نسمة، لم يصدر قرار رسمي بوقف التصوير.
لكن رئيس نقابة الممثلين أشرف زكي قال إنّ “80 بالمئة من الأعمال توقّفت”، في وقت يطالب ممثلون بصدور قرار رسمي بإغلاق المواقع، متّهمين المعنيين بالمخاطرة.
وحصد فيروس كورونا المستجد أرواح أكثر من خمسين ألف وفاة حول العالم منذ ظهوره في الصين نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي، فيما أصابت الإجراءات المتّخذة للحد من انتشاره قطاع الترفيه بأضرار كبرى، في ظل إلغاء حفلات ومهرجانات وإغلاق دور السينما أبوابها في العديد من الدول.
كما أجبر الفيروس حوالى أربعة مليارات شخص على ملازمة منازلهم خوفا من التقاط الوباء.
وتقول مديرة شركة “إيمار الشام للانتاج الفني” ديانا جبور إنّ شركتها أوقفت التصوير في مسلسل رمضاني “قبل أن تطلب السلطات الرسمية ذلك”.
وأضافت “لا ولن نغامر بصحّة أي من شركائنا بالعمل الفني من أصغر فني إلى أكبر فنان”.
لكن بالنسبة إلى محبي المسلسلات من أمثال رهام علي (60 عاما) التي لم تغادر منزلها في إمارة الشارقة منذ ثلاثة أسابيع خوفا من الوباء، فإن عدم وجود عدد كاف من المسلسلات خلال شهر رمضان قد يسبّب إحباطا كبيرا.
وقالت لفرانس برس “رمضان هو للصلاة والطعام اللذيذ وتجمّعات العائلة، وللتلفزيون أيضا. لكنني لم أر أحدا منذ أسابيع، ولا أظن أنني سأفعل ذلك قريبا. يجب أن تكون أعداد المسلسلات كافية. نحن بحاجة لذلك فعلا”.
ا ف ب