يواجه العمل الزراعيون في الولايات المتحدة الذين يعيشون في مهاجع ويعملون بالقرب من بعضهم البعض، بلا أقنعة واقية لتأمين الغذاء للبلاد، خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد لكنهم لا يملكون خيارا آخر سوى العمل للحصول على أجر.
ويعمل حوالى 2,4 مليون رجل وامرأة في حقول زراعية في الولايات المتحدة حيث يعيش ثلاثة أرباع السكان حاليا في عزل صحي. لكن عملهم يعد “أساسيا” على غرار الممرضات ورجال الشرطة والإطفاء وموظفي محلات بيع المواد الغذائية.
وتؤكد المنظمات غير الحكومية التي تهتم بمصيرهم أنه “عمل قاس وشروط معيشية قاسية”. ونصف العمال الزراعيين في البلاد أجانب في وضع غير قانوني، قدموا في أغلب الأحيان من أميركا اللاتينية. وهم يمضون ساعات في جمع الخضار والفاكهة في البرد أو تحت شمس حارقة وأملهم الوحيد هو الحصول على راتب.
ويعيش بعضهم في مجمعات يمكن أن تضم عددا قد يصل إلى مئتي عامل في شروط صحية بائسة، بينما يقيم آخرون في شقق تكتظ بثلاث أو أربع عائلات. وهم يتنقلون عادة في حافلات مزدحمة بالركاب، وكلها عوامل تساهم في انتشار سريع للفيروس.
ويجعل غياب الضمان الاجتماعي الحصول على عناية صحية أكثر صعوبة للذين لا يملكون تصاريح إقامة قانونية.
وتحذر النقابات والجمعيات من أوضاع هؤلاء العمال الذين ليسوا معرضين لخطر الإصابة بكوفيد-19 فحسب بل لم يتلقوا أي معلومات بشأن وسائل انتقال العدوى بالفيروس أ طرق الوقاية منه، وكذلك لم يحصلوا على معدات للوقاية من المرض.
وأشار إيريك نيكولسون نائب رئيس “عمال المزارع المتحدين في أميركا”، أكبر نقابة للعمال الزراعيين في الولايات المتحدة، إلى أنهم “يذهبون للعمل في أغلب الأحيان وهم مصابون بالحمى والسعال وأي من العوارض الأخرى لكوفيد-19”.
وقال لوكالة فرانس برس إن “واقعهم اليومي يتلخص بأنهم إذا لم يعملوا فلن يدفع لهم أجر، وإذا لم يحصلوا على أجر فهم لا يملكون أي وسيلة أخرى لإعالة عائلاتهم ودفع إيجار مساكنهم”.
– “مكون حيوي” –
ماذا سيحدث إذا قضى الوباء على العمال الزراعيين؟
قال ديفيد ستيل مدير معهد ألبحاث الزراعية في جامعة بومونا “إذا وضعوا في حافلة وكان أحدهم مصابا، فسُيقضى على اليد العاملة”.
وأضاف “إذا تغيب عشرة أو عشرون أو ثلاثون بالمئة من العمال، فسيؤدي ذلك إلى مشكلة هائلة في التموين” بالمواد الغذائية.
ولا تجرؤ كاليفورنيا التي تعد مزرعة الولايات المتحدة وتشكل فيها الزراعة حوالى خمسة بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي (أكبر بثلاث مرات من النسبة في فرنسا)، حتى على التفكير في هذا الاحتمال.
وقال ستيف لايل الناطق باسم وزارة الزراعة في كاليفورنيا إن “العمال الزراعيين مكون حيوي” للإمدادات الغذائية في الولاية.
وأضاف لايل لفرانس برس أن أرباب العمل يدركون ذلك جيدا، موضحا أن “منتجي قطاعات الصناعات الغذائية عززوا إجراءات السلامة منذ بداية الأزمة الصحية” وفرضوا “قواعد للتباعد الاجتماعي في الحقول وعلى خطوط الإنتاج”.
وقام بعض أصحاب المزارع في كاليفورنيا بتكييف إجراءاتهم للحد كم مخاطر العدوى، كما فعلت إيلين بروكاو في بساتينها في منطقة فنتورا.
وقالت لصحيفة محلية “هدفنا هو ضمان سلامة موظفينا ليتمكنوا من مواصلة العمل، إلا إذا كانوا مرضى أو كان يتوجب عليهم البقاء في بيوتهم لرعاية الأطفال أو مريض”.
لكن أرباب العمل ليسوا على الدرجة نفسها من الحذر، كما قال منتسبون لنقابة “عمال المزارع المتحدين في أميركا” لم يتلق معظمهم لا معلومات ولا توجيهات بشأن فيروس كورونا المستجد.
وقال أحد هؤلاء العمال لقناة “يونيفيجن التلفزيونية” إنه يعتقد “أننا الأكثر ضعفا وأننا منسيون”.
ا ف ب