و”غرب سهيل”، هي أحد التجمعات النوبية في مدينة أسوان، وتقع فوق سفح رملي غرب نهر النيل.
وأنشئت القرية قبل أكثر من مائة عام عند بناء خزان أسوان القديم عام 1902، وتعليته الأولى عام 1912، وترجع تسميتها إلى وقوعها غرب جزيرة سهيل.
ويبلغ عدد سكان قرية غرب سهيل نحو 10 الاف نسمة، وتعد نموذجا للسياحة البيئية والتراثية.
فقد تحولت القرية المحتفظة بتراثها النوبي إلى مزار سياحي مهم، إذ تمكنت من خلال مظاهر الحياة اليومية فيها من اجتذاب السياح لقضاء وقت ممتع مختلف على الطريقة النوبية تحت قباب بيوت تتميز بالأصالة وألوانها الزاهية المميزة.
وداخل منازل القرية النوبية تشيع تربية التماسيح وعرضها للزوار.
ويقول النوبي الأربعيني ممدوح أحمد، وهو صاحب أحد المنازل السياحية النوبية في قرية “غرب سهيل”، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن فكرة عرض التماسيح للزائرين بدأت في النوبة، مؤكدا أنه ورثها عن أجداده.
ويمتلك أحمد تمساحا كبيرا يضعه في قفص أسمنتي مبني على سطح الأرض، وآخر صغيرا يتركه دون قيد على أريكة، حيث يمكن للزوار لمسه واللعب معه.
ويضيف أحمد، وهو يراقب الزوار وهم يلتقطون صورا مع التمساح، أن “المنزل مقسم إلى ثلاثة أقسام، أحدها لعرض التماسيح، والثاني لبيع الهدايا التذكارية النوبية المصنوعة يدويا، وقسم ثالث لتقديم الشاي الساخن والمشروبات”.
ويتابع “يحب السياح زيارة المكان ومشاهدة التماسيح أثناء الاستمتاع بتناول كوب من الشاي أو القهوة، ولدينا العديد من الزوار المحليين أيضا”.
وباتت تربية التماسيح مصدر دخل أساسيا لأحمد وأقرانه من النوبيين.
ويقول أحمد في هذا الشأن “هذا التمساح الكبير موجود لدينا منذ 15 عاما، جلبناه عندما كان صغيرا وأكملنا تربيته وتغذيته بمعرفتنا”، مشيرا إلى أن التمساح يصبح حيوانا منزليا بعد أن تتم تربيته داخل البيت.
لكنه يشير إلى أن التماسيح تكون شرسة عندما تعيش في طبيعتها البرية داخل نهر النيل “حتى وإن كانت في سن صغيرة”، لافتا إلى أن تمساحه الصغير يبلغ من العمر حوالي ست سنوات.
ويوضح، بينما كان يساعد سائحا على حمل تمساحه الصغير، أنه من الصعب للغاية اصطياد تمساح صغير في النيل إذ أنه سيرد بعنف.
وبالقرب من منزل أحمد، يمتلك النوبي شريف خضري، وهو صاحب أحد المقاهي، تمساحين كبيرين يضعهما أيضا في قفص أسمنتي، بالإضافة إلى تمساح صغير يضعه في صندوق زجاجي.
ويقول خضري ل((شينخوا)) إنه ابتاع هذه التماسيح منذ حوالي شهر إيمانا منه بأنها تجلب الحظ إلى المقهى الخاص به.
ويضيف “نحن أهل النوبة نعتقد أن التماسيح تجلب الحظ السعيد، كما أنها تجذب السياح المحليين والأجانب”.
ومن بين هؤلاء، جاءت الفتاة الثلاثينية تقى المصري من مدينة كوم أمبو بأسوان لزيارة قرية غرب سهيل.
وتقول المصري ل((شينخوا)) “أتيت لزيارة قرية غرب سهيل والتمتع بالجو النوبي التقليدي ورؤية التماسيح التي تتربى فيها”.
وتضيف بينما كانت تلتقط صديقتها صورة لها مع أحد التماسيح الضخمة، “نعلم أن التماسيح برية، لكنها نشأت هنا في منازل نوبية لذا فهي أليفة إلى حد ما”.
وتشير المصري، وهي تتفحص صورها مع التمساح على هاتف صديقتها، إلى أنها كانت خائفة في البداية إلى أن شجعها صاحب المنزل على الاقتراب من التمساح بل ولمسه والتقاط صورة معه.
ولا تقتصر تربية التماسيح على رجال القرية، إذ تمتلك “فطومة”، وهي سيدة نوبية في العقد الرابع ثمانية تماسيح مختلفة الأحجام في منزلها السياحي المطلي باللونين الأزرق والأبيض والرابض قرب تلة.
وتقول فطومة ل((شينخوا)) “لدينا التماسيح الضخمة هنا منذ 18 عاما، ولقد أحضرناها منذ أن كانت صغيرة جدا بحجم السحالي”.
وتضيف أنها تستخدم التماسيح الثمانية في جذب السياح إلى المقهى الخاص بها.
وتشير فطومة إلى أقفاص في زوايا مختلفة من المقهى، حيث تحتفظ بها للترفيه عن الزوار، موضحة أن المكان أيضا هو بمثابة سكن لعائلتها.
وبحسب خضري، تعادل أعمار التماسيح أعمار البشر، حيث تتراوح أعمارها بين 80 و100 عام.
وتبدو تجربة مشاهدة أو ملامسة التماسيح غريبة ومثيرة للاهتمام بالنسبة للزوار المحليين والسياح الأجانب على حد سواء.
ويقول سائح مسن من إيطاليا عرف نفسه باسم ماريو، إنه يستطيع رؤية أشكال التماسيح المحنطة معلقة على أبواب العديد من الأماكن في القرية.
ويضيف “أستطيع أن أقول أنها جزء من تاريخ المكان وتقاليده، إنه أمر مثير للاهتمام”.
فيما يشير جريش، وهو سائح ألماني في الأربعينيات من عمره، إلى أن القرية النوبية جميلة جدا.
ويقول وهو يرسم ابتسامة عريضة على وجهه “قد يرى البعض إنه من الغريب أن يكون هناك العديد من التماسيح في أماكن كثيرة هنا، ولكنني أنا شخصيا أحببت الأمر، وأعتقد أنه أمر مثير للاهتمام حقا”.
أسوان، مصر 21 فبراير 2020 (شينخوا)