استقر التابوت الذهبي للكاهن «نجم عنخ» في موقعه الدائم بالمتحف القومي للحضارة، بعد استرداده من الولايات المتحدة الأميركية مؤخراً، ليبدأ في استقبال زواره للمرة الأولى في مصر، وخطف التابوت أنظار الزوار وعدد من السفراء الأجانب العاملين في مصر، وأبدى كثير منهم إعجابهم الشديد بنقوشه ورسوماته وحالته الجيدة.
وقال الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصري، في تصريحات صحافية على هامش زيارة قاعة عرض التابوت، إن «استرداد هذا التابوت يأتي في إطار جهود الدولة المصرية لاستعادة الآثار المصرية المهربة بالخارج، وما توليه الدولة المصرية ومؤسساتها من اهتمام بالغ للحفاظ على تراثها وتاريخها الحضاري، والدور الذي لعبته وزارتا الآثار والخارجية المصرية ومكتب النائب العام المصري في مجال استعادة الآثار المصرية المهربة، وفي إطار التعاون الثنائي بين مصر والولايات المتحدة الأميركية، ومذكرة التفاهم المبرمة بين البلدين عام 2016 بشأن حماية الآثار المصرية من التهريب»، موجها الشكر للولايات المتحدة الأميركية على تعاونها مع مصر في هذا المجال.
بدوره، أكد شعبان عبد الجواد، مدير عام إدارة الآثار المستردة بوزارة الآثار المصرية، لـ«الشرق الأوسط»، أن «استرداد التابوت يعد رسالة لكل متاحف العالم بأن مصر لن تترك آثارها في الخارج».
وشرح عبد الجواد كواليس استعادة التابوت، وقال إن «متحف المتروبوليتان الأميركي اشترى التابوت عام 2017 بمبلغ 4 ملايين دولار، من تاجر آثار فرنسي، معه أوراق تقول إن التابوت قد تم تصديره من مصر في 15 مايو (أيار) عام 1971». مشيراً إلى أن «وزارة الآثار تواصلت مع المدعي العام الأميركي، بشأن تزوير تصريح التصدير»، ولفت إلى أن «قانون الآثار عام 1951 كان يسمح بتصدير الآثار المصرية إلا أنه لم يكن يسمح بتصدير الآثار الفريدة؛ لذلك كانت وزارة الآثار متأكدة أن التصريح مزور».
وكانت مصر تسمح بتصدير وإهداء الآثار حتى عام 1983 عندما صدر قانون حماية الآثار الذي حظر الاتجار في الآثار ومنع بيعها وإهداءها.
وقال عبد الجواد إنه «بعد عام من المفاوضات مع المدعي العام الأميركي تم إثبات أحقية مصر بالتابوت، في فبراير (شباط) الماضي، وخلال الفترة الماضية تم الانتهاء من إجراءات عودته»، مشيراً إلى أن «التابوت في حالة جيدة جداً، حيث كان من المقرر أن يعرض في قاعة خاصة بمتحف المتروبوليتان حتى العام المقبل».
ويرجع تابوت نجم عنخ إلى القرن الأول قبل الميلاد وهو مصنوع من الخشب المغطى بالذهب، على شكل مومياء، ويبلغ طوله مترين، وكان لكاهن كبير للإله «هيرشيف» في مدينة هيراكليوبوليس، (مركز أهناسيا ببني سويف حاليا) ولا يحتوي على مومياء.
وقال عبد الجواد إن «التابوت لم يكن من مفقودات المخازن أو المتاحف المصرية، وهو من نتائج الحفائر خلسة، وخرج من مصر عام 2011 والتحقيقات تجري حاليا لمعرفة كيف خرج من مصر»، مشيراً إلى أن «التابوت يرجع للعصر البطلمي، ويعود تاريخه إلى نهاية الأسرة البطلمية من 150 إلى 50 عاما قبل الميلاد».
وتبذل وزارة الآثار المصرية جهوداً في الفترة الأخيرة لاستعادة القطع الأثرية المهربة بالخارج، ففي عام 2016 تم استرداد 263 قطعة أثرية، وفي عام 2017 تم استرداد 553 قطعة أثرية، وفي عام 2018 تم استرداد 222 قطعة أثرية، وعدد 21660 عملة أثرية، وعام 2019 تم استرداد تابوت نجم عنخ، ووقعت مصر عدداً من الاتفاقيات الثنائية في هذا الصدد من بينها الاتفاقية الموقعة مع أميركا، وأخرى مع سويسرا والأردن وإيطاليا.
وفي سياق متصل، تستعد العاصمة البريطانية لندن لاستضافة كنوز الفرعون الذهبي توت عنخ آمون الشهر المقبل، في جولتها الأخيرة خارج مصر، قبل أن تستقر بشكل نهائي في المتحف المصري الكبير المقرر افتتاحه نهاية العام المقبل.
ويستضيف غاليري ساتشي في لندن معرض توت عنخ آمون في الفترة من 2 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وحتى 3 مايو (أيار) 2020، بالتزامن مع الاحتفال بقرب الذكرى المئوية لاكتشاف مقبرة الفرعون الأكثر شهرة في نوفمبر عام 1922 على يد عالم الآثار الإنجليزي هيوارد كارتر.
ووفقا للموقع الإلكتروني لغاليري ساتشي فإن «المعرض يضم 150 قطعة من كنوز الملك الشاب، وهو ثلاثة أضعاف عدد القطع الأثرية التي عرضت في المعارض الخارجية السابقة لتوت عنخ آمون، كما أنه يضم 60 منها تعرض خارج مصر للمرة الأولى».
وهذه هي المحطة الثالثة للمعرض خارج مصر بعد لوس أنجليس وباريس، ضمن جولة خارجية تشمل 10 مدن حول العالم وتستمر حتى 2024.
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن «معرض توت عنخ آمون حقق رقما قياسيا في باريس، حيث زاره 1.423.170 زائرا، وهو أكبر عدد زوار في تاريخ الأنشطة الثقافية في فرنسا»، مشيراً إلى أن «المعرض من المتوقع أن يحظى بإقبال كبير في محطته الثالثة في لندن والتي تتزامن مع ذكرى مرور 97 عاما على اكتشاف المقبرة».
وهذه هي المرة الثالثة التي يتم فيها عرض كنوز الفرعون الذهبي في لندن، حيث سبق أن عرضت هناك عام 1972، ضمن جولة خارجية لكنوز توت عنخ آمون في السبعينات، وبقي هناك 6 أشهر، زاره خلالها نحو 1.7 مليون شخص اصطفوا في الطوابير لمشاهدة كنوز الفرعون الأكثر شهرة عالميا، وتكررت زيارة آثار توت للندن عام 2007، في معرض ضم 131 قطعة بينها 50 قطعة لتوت عنخ آمون.
الشرق الاوسط ووكالات الانباء
القاهرة: فتحية الدخاخني