شهدت الرقعة الجغرافية للوطن العربي تعاقب حضاري تمتد جذوره إلى عصور ما قبل التاريخ، فقد وجد مواقع للاستقرار البشري تعود إلى نحو (1,3-1) مليون سنة ق.م في المملكة العربية السعودية في كل من الشويحطية بمنطقة الجوف ووادي دحضه في منطقة نجران، وتعتبر هذه المواقع من أقدم مواقع الاستيطان البشري في قارة أسيا، و في الدرجة الثانية في القدم بعد المواقع المكتشفة في قارة إفريقيا (1).
البحث الموسوم بـ "آثار الوطن العربي وتحديات الأخطار الراهنة".
للدكتور سعيد بن دبيس العتيبي.
جميع الحقوق محفوظة @ 2017
وظهرت في منطقة الهلال الخصيب ومصر أولى الحضارات المؤثرة في سجل الحضارة الإنسانية، فقد ظهرت في بلاد الرافدين الثورات الحضارية الكبرى، ومنها تعلم الإنسان الزراعة وتدجين الحيوان ونشأت أولى القرى الفلاحية المتمثلة في موقعي جرمو وحسونة في شمال العراق، واختراع الكتابة في حدود3,500 ق.م. وظهرت الحضارة السومرية وأعقبتها الحضارات: الأكدية والبابلية والأشورية، وفي وادي النيل برزت الحضارة المصرية منذ نهاية الألف الرابع ق.م وكانت متفردة بسماتها الحضارية وإنجازاتها الضخمة وأصالتها في مجالات العمران والزراعة والعلوم والفنون، ومنذ منتصف الألف الثالث قبل الميلاد ظهرت الحضارة الفينيقية في بلاد الشام، والتدمرية في حدود القرن الأول قبل الميلاد، كما أن الفينيقيون استقروا في الشمال الإفريقي وكونوا دولة راقية منذ نهاية الألف الثاني ق.م امتدت من سرت شرقاً حتى المحيط الأطلسي غربا، بالإضافة إلى جزر البحر المتوسط وجنوب فرنسا وايطاليا وشبه الجزيرة الإيبرية، وظهرت مملكة الأنباط في حدود القرن الرابع ق.م في بلاد الشام شاملة سوريا والأردن وفلسطين وامتدت حتى شمال غرب الجزيرة العربية، وكانت عاصمتها الشمالية سلع( البترا ) وعاصمتها الجنوبية الحجر
(مدائن صاح)، ثم شملت الحضارة الكلاسيكية منذ القرن الرابع ق.م أجزاء من بلدان شمال إفريقيا وشرقها والشام والعراق وشمال الجزيرة العربية.(2)
أما في الجزيرة العربية فقد امتدت حضارة العبيد التي نشئت في شمال العراق منذ الألف الخامس ق.م ( 5000-3400 ق.م) ، إلى جميع دول الخليج العربية ووجدت آثارها على طول ساحل الخليج العربي وخليج عمان، وتعد حضارة العبيد أولى الحضارات المستقرة في المنطقة والحد الفاصل بين العصر الحجري الحديث والعصور التاريخية، وتلا حضارة العبيد على ساحل الخليج العربي حضارات هيلي وأم النار ودلمون وماجان ، كما نشأت في جنوب الجزيرة العربية ممالك من أشهرها معين وسبا وقتبان وحمير، وامتد نفوذ معين وسبا إلى أطراف الجزيرة العربية الشمالية والشمالية الغربية، وفي وسط الجزيرة العربية قامت مملكة كندة منذ القرن الرابع ق.م الميلاد إلى القرن الرابع الميلادي، كما شهد نهاية الألف الثاني والأول قبل الميلاد ظهور مدن الممالك العربية على طرق التجارة ومن أهمها تيماء وثاج ودومة الجندل، وتمركزت ممالك متعاقبة في شمال غرب الجزيرة العربية تمثلت في مملكة دادان ومن بعدها لحيان(3).
البحث الموسوم بـ "آثار الوطن العربي وتحديات الأخطار الراهنة".
للدكتور سعيد بن دبيس العتيبي.
جميع الحقوق محفوظة @ 2017
