كما عودناكم على عمل اللقاءات المهمة مع العلماء والمتخصصين بالآثار والتاريخ فقد قامت مجلة الاثار بعمل لقاء صحفي هام مع عالم التاريخ والآثار الدكتور عبدالله بن علي بن ابراهيم الزيدان رئيس الجمعية التاريخية السعودية.
إذا كان يسمح لخريجي الجغرافيا بتدريس مادة التاريخ فمن باب أولى أن يدرس خريجي الآثار هذه المادة.
س: سعادة الدكتور عبدالله الزيدان رسالة الدكتوراه الخاصة بكم تحوي (جملة)اعتمدت على النقوش الاثرية والحوليات التاريخية، فهل سعادتكم آثاري أم مؤرخ؟.
ج. اعتمدت على دراسات الآثار كمصدر مهم من مصادر التاريخ ولا يمكن أن أغفل عن المجال الآثري وبما أني أدرس مدينة إسلامية عريقة (القيروان) وسكانها، فلا بد أن أرجع إلى آثار السكان من شواهد القبور فهي تؤرخ ديموغرافية المدينة الإسلامية، وقد درست عشرات النصب المبكرة، وهي تعطي معلومات عن زمن المتوفي وعقيدته وعن فن صناعة شواهد القبور بأشكالها المختلفة والخطوط وصياغة الألفاظ.
وتحمل هذه الشواهد ايضا التواريخ المهمة، ونسب صاحب الشاهد ومذهبة ومهنته والحالة الاجتماعية، وكانت تعطينا معلومات اجتماعية مهمة جدا عن سكان المدينة.
فالنقش يعتبر وثيقة ناطقة.
وقد واجهة عدة صعوبات برسم وتصوير شواهد القبور تلك، وخصوصا أسطواني الشكل منها وتم استخدام طريقة علمية لرسمها بكل اتقان وتوضيحها بشكل كامل.
وقد رسمت خريطة للمدينة بفضل الله ثم بفضل بعض الصور الجوية لمدينة القيروان وبعض كتب الطبقات ووصف للشوارع والدكاكين والاسوار وموقع المسجد والمنشآت المائية والتي تسمى عند المغاربة بـ(المواجل).
النقش يعتبر وثيقة ناطقة
س: اذا سعادتكم آثاري؟
ج: انا الموزع بين التاريخ والآثار فقد حاول الدكتور الانصاري ان انتقل الى قسم الاثار عندما انشأ من داخل قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة الملك سعود، ولكني فضلت البقاء بقسم التاريخ وفاء لقسم التاريخ الذي هو أساس قسم الآثار والذي لا يستغني عن دراسة الآثار بوجه عام.
س: موقع أثري طالبت بالمحافظة عليه، وموقع أثري آخر اكتشفه سعادتكم، فهل تم المحافظة عليه؟
ج: طالبت بالمحافظة على موقع (حصاة عنترة أو حصاة عبس) وهو موقع قديم يحتوي على آثار قديمة وشواهد لصيد الإبل والوعول وكتابات قديمة وهي توجد في قرية الغاف.
واكتشفت عام 2008 تقريباً عين إسلامية في قرية الغاف اقامها الصحابي عبدالله بن عامر بن كريز رضي الله عنه، وتم مخاطبة الهيئة العامة للسياحة والآثار بهذا الخصوص وطلب المحافظة عليها وذلك بتسويرها وحمايتها من ايدي العابثين ووعدت الهيئة بذلك ولكن لم يتم شئ بهذا الخصوص وتم مخاطبة الدكتور علي الغبان نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والاثار بقطاع الاثار بهذا الخصوص ولم تتم حماية النقوش وحصاة عنتره أو عين الغاف حتى الآن، وقد قدمت بحثاً بهذا الخصوص بإحدى اجتماعات الجمعية السعودية للدراسات التاريخية وتم دعوة الهيئة العامة للسياحة والاثار لهذه المحاضرة.
المحافظة على اثار وطننا ضرورة ملحة.
س: خريجي علم الاثار يعانون من ظلم وظيفيا ولا يتم قبولهم حاليا بتدريس مادة التاريخ بالتعليم العام أسوة بزملائهم خريجي التاريخ؟
ج: اعتقد ان لهم الحق بالعمل بالتدريس ولهم دور مهم في تنوير الناشئة في المحافظة على آثار المملكة العربية السعودية والمسألة ليست استثمار ولكن البحث عن المحافظة عليها، وخريجي قسم الآثار مؤهلين أكاديمياً لذلك.
فإذا كان يسمح لخريجي الجغرافيا بتدريس مادة التاريخ فمن باب أولى أن يدرس خريجي الآثار هذه المادة.
س: نأمل تزويدنا ببعض المعلومات عن المحافظة على الآثار بالمملكة العربية السعودية؟.
ج: اشيد كثيراً بجهود المملكة العربية السعودية بالمحافظة على الآثار وحمايتها فقد كانت الآثار تابعه لقطاع الاثار والمتاحف بوزارة التربية والتعليم وحتى انتقال القطاع إلى الهيئة العامة للسياحة والآثار.
وقد بذلت المملكة الكثير بتسوير معظم المواقع الأثرية وحمايتها وتهيئتها سياحيا كمدائن صالح (الحجر) بالعلا شمال غرب المملكة العربية السعودية.
ومن ليس له ماضي ليس له حاضر وقد لا يكون ذلك المستقبل المشرق.
س: هل يوجد كليات للتاريخ بالعالم وهل انشاء كلية للتاريخ والآثار مطلب مهم يدعم المتخصصين إلى تكوين بنية قوية للتاريخ والآثار بالمملكة العربية السعودية، سيما أن التاريخ أقرب للآثار من أي تخصص آخر؟.
ج: في أمريكا وروسيا وأوربا واسيا العديد من المدارس للتاريخ تشمل كليات التاريخ الحديث والقديم والدراسات الشرقية والاسيوية والافريقية، مثل جامعة لندن وهارفرد وبرنستون ومعهد تكنولوجيا ماساتشوستس الذي يرسل رجال للفضاء فهذا المعهد به قسم للتاريخ من أكبر أقسام التاريخ بالعالم.
والتاريخ هو زاد يعطي الاجيال منجزات الماضي والقدرة على الاستمرار وقبول التحدي، والذي يدعو الى عدم نسيان تاريخها، فالحضارة تراكمية.
والدول التي حاولت ان توقف الدراسات التاريخية وأقسام التاريخ كان عليها أن تدفع الثمن باهظاً فمن اوقف دراسة التاريخ مثل بريطانيا بالتسعينات اضطرت الى استقدام مدرسين تاريخ من الخارج لتدريس أبناءهم وطلابهم بالمدارس لتعليمهم تاريخ بلادهم، فهؤلاء المدرسين ذو حضارة وفكر وعقائد أخرى فيكون تدريسهم لأبنائهم شئ مخيف.
وأشجع على انشاء كلية للتاريخ والآثار، وقد جاءت موافقة المقام السامي على تحويل الندوة العالمية للدراسات تاريخ الجزيرة العربية إلى مركز دراسات تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها، فهي تشمل التاريخ والآثار كما يدل مسماها من تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها.
نشكر سعادة الدكتور عبدالله بن علي بن ابراهيم الزيدان على رحابة صدره وموافقته على عمل اللقاء، كما نتقدم بالشكر والتقدير لجميع العاملين بالجمعية السعودية التاريخية على حسن ضيافتهم واستقبالهم لنا.
عمل اللقاء وقام بتحريره رئيس تحرير مجلة الآثار
