البروفيسور الانصاري: أنصح المتخصص بتطوير نفسه بما يتناسب مع سوق العمل، وأن يحاول أن يقوم بإنتاج عمل يفخر به مثل الكتابة عن مجتمعه وعن قريته…
وسبب قلة وظائف الآثاريين هو عدم توظيف خريجي الآثار كمدرسين للتاريخ والوطنية مع أن امثالهم في مصر وفي العالم العربي يرحبون بهم بالتدريس، وهم أقدر من غيرهم على تدريس التاريخ والحضارة العربية والإسلامية..
سعدت بمقابلة هذا العالم العربي السعودي الذي يندر وجوده، فقد كان من أهم الأسباب التي قدرها الله لإنقاذ آثارنا من الضياع بتأسيس قسم للآثار والمتاحف وتخريج مجموعة من الآثاريين نفتخر بهم، وقام بعمل حفرية تعتبر اهم حفرية بالمملكة العربية السعودية، بموقع من أهم المواقع الأثرية بالعالم والتي تعتبر من أفضل المدن المكتشفة حتى الآن وهي موقع الفاو الأثري.
غمرتني البهجة والسعادة وزادني شرفاً لقاءه وحسن استقباله لي، وبشاشة وجهه.
تتشرف وبكل فخر مجلة الآثار عمل لقاء صحفي نادر مع عالم الآثار السعودي البروفيسور عبدالرحمن بن محمد الطيب الأنصاري.
س/ من هو مؤسس اتحاد الآثاريين العرب وكيف بدأت فكرته. ولماذا لا تكون هناك جمعية للآثاريين العرب؟
ج/ الحقيقية أن فكرة أتحاد الآثاريين العرب جاءت عندما زارنا بقسم الآثار والمتاحف بكلية الاداب في جامعة الملك سعود وفد من الآثاريين المصريين بقيادة الدكتور علي رضوان وأقترحت عليهم أن ننشأ جمعية للآثاريين العرب لا (اتحاد)، وبدأ نشاطها بتقبل الدكتور رضوان للفكرة وتحقيقها بمصر، ومكثت سنوات بأسم (جمعية الآثاريين العرب)، ولكن الدكتور محمد الكحلاوى أمين الجمعية زيين له أن يحولها إلى (اتحاد) أسوة باتحاد المؤرخين العرب، رغم أنني لم أرتح لهذا المسمى إذ أن اسم الجمعية يدل في الغرب على أكاديمية العمل وما تقوم به أما (اتحاد) فهو له دلالة غير اكاديمية وهذا ما لا ابتغيه، ولكن الآخرين وافقوا عليه ومن هنا أصبح نشاطنا الآثاري بهذا الاتحاد ذو صبغة تكاد تكون بعيده عن العمل الأكاديمي.
الاستاذ الدكتور الانصاري: اتحاد الاثاريين العرب مكث لسنوات كجمعية للآثاريين العرب.
س/ نريد من سعادتكم إعطاءنا تعريف عام للآثار يفهمه العامة من الناس؟.
ج/ الآثار وثيقة لتصديق ما يقوله المؤرخون.
عندما كنت أدٌرس للطلاب أقول لهم (الآثار هي كمثل من أقبل جده عليه وهو جالس مع “البشكة” (أي الأصدقاء) فإن قام وقبل جبهة جده وفرح به فهو ممن يقدر هذا الجزء من تاريخنا وآثارنا، أما من قام بسرعة واخذ جده خارج الغرفة وأعتذر من زملائه فهو بعيد كل البعد من الاعتبار بالتاريخ والآثار ).
س/ ما هي أول قطعة أثرية رأيتها أو اكتشفتها؟.
ج/ وأنا طالب بعمر 12 سنة تقريبا بالمعهد العلمي بالمدينة المنورة أخذنا الاستاذ (استاذ التاريخ)، بزيارة لجبل أحد لشرح غزوة أحد وكنا على جبل الرماة فأخذ أحد زملاءنا كان يعبث بالارض فجاءت يده على شئ فنزعه فإذا هو سيف فتفتت ومن ذلك الوقت كنت أفكر دائماً من صاحب السيف ولا زلت أفكر حتى الآن.
الدكتور الانصاري: أول قطعة أثرية رأيتٌها وعمري 12 سنة سيف تفتت ومن ذلك الوقت كنت أفكر دائماً من صاحب السيف ولا زلت أفكر حتى الآن..
وتخصصي هو الكتابات القديمة
س/ وما هو اول أثر اكتشفته وأنت بمجال الآثار؟.
ج/ كانت عبارة عن مجموعة كتابات وانا تخصصي بالكتابات وكان ذلك بموقع الفاو الأثري (بالسوق) فوجدنا منظر للجمال وفوجئنا ونحن ننزل طبقةَ طبقة بمنظر لصيد الجمال، ففرحت به كثيراً، لانه يجمع بين اللونين الأسود والأحمر، ومكتوب عليه أسم الصائد (كعب).
ففرحت لشيئين أولا ان اسم كعب موجود في تلك الفترة وهي فترة القرن الأول الميلادي، وثانياً ان الجمل كان يصاد في الربع الخالي ونحن على أطرافه.
البروفيسور الانصاري: الجمل كان يصاد في الربع الخالي
س/ سعادة الدكتور نريد تعريف شامل وموحد للآثار؟.
ج/ الآثار هي كل ما خلفه الإنسان من عمله وبالتالي يدخل في ذلك المباني والأسواق وما صنعه الإنسان من احتياجاته سواء كان من الحجارة او الفخار أو الزجاج أو أي شئ له صلة بحياته ويدخل في ذلك ما صنعه الإنسان من آلآف السنين وحتى وقتنا الحاضر، ومن حضارة له دور فيها (أو في صنعها).
س/ ما هي أسباب عدم توفر وظائف لخريجي الآثار وماذا نفعل للمحافظة عليهم؟.
ج/ من الأسباب عدم توظيف خريجي الآثار كمدرسين للتاريخ والوطنية مع أن امثالهم في مصر وفي العالم العربي يرحبون بهم بالتدريس، وهم أقدر من غيرهم على تدريس التاريخ والحضارة العربية والإسلامية، ويعرف خريج الآثار من الوسائل ما يحبب به الطلاب والطالبات.
البروفيسور الانصاري: الآثار وثيقة لتصديق ما يقوله المؤرخون.
س/ كيف اخترت تخصص الآثار؟.
ج/ كان تخصصي بمرحلة البكالوريوس (لغة عربية) وعندما ذهبت إلى بريطانيا ذهبت لأتخصص في الأدب الجاهلي، ولكن الاستاذ المشرف (أسرلين)، قال لي ماذا تريد أن تتخصص في الأدب الجاهلي فقلت له: أريد أن أتخصص في مطالع القصائد الجاهلية، ذلك لأن الشعراء الجاهليين كل منهم يحاول أن يكون مطلع قصيدته البكاء على الأطلال.
فقال لي: هذا الموضوع بسيط لا يؤهلك للترقية للدكتوراه.
ذلك لان النظام في بريطانيا اذا عمل الطالب عمل جيداً في مرحلة الماجستير تكون له لجنة وتنظر في إمكانية تحويله إلى مرحلة الدكتوراه.
فقلت له: إذا أريد أن أدرس الأسطورة العربية في الشعر الجاهلي.
فقال لي: أيضا هذا التخصص صعب لأنه يجب أن تدرس الأساطير الفرعونية والاساطير اليونانية والرومانية والبابلية.
فقلت له: إذا اختر لي موضوعاً.
فقال لي: أختار لك تحقيق كتاب.
فقلت له: أما تحقيق الكتاب فالمستفيد منه المؤلف وأنا لم أستفد منهج علمياً أريد أن احصل عليه منك، فسعد لذلك.
وقال لي: اذا لديكم في المملكة العربية السعودية في شمال المدينة المنورة مجموعة من النقوش والكتابات لدولة قديمة أسمها (لحيان).
فقلت له: لم أدرس في قسم اللغة العربية بالقاهرة إلا مادة فقة اللغة وهذه لا تؤهلني في دراسة النقوش.
فقال لي: سأدرسك ما تحتاجه بهذا العلم.
س/ بنهاية هذا اللقاء نريد نصيحة من سعادتكم لخريجي الآثار ودارسيه الآن؟.
ج/ أنصح المتخصص بتطوير نفسه بما يتناسب مع سوق العمل، وأن يحاول أن يقوم بإنتاج عمل يفخر به مثل الكتابة عن مجتمعه وعن قريته ليسهم في التعريف بآثار منطقته التي خرج منها دون النظر إلى النتائج التي سوف يصل إليها إذ انها بذلك تصبح مادة جيدة للمختص يستفيد منها، ويشير إلى عمله.
(فقة اللغة): هو الطريقة التي من الممكن أن تعرف بها مدلول الكلمات.
استاذ فقة اللغة للدكتور بمرحلة البكالوريوس بجامعة القاهرة هو: الدكتور يحيى خليل نامي.
عمل اللقاء وقام بتحريره رئيس تحرير مجلة الآثار
