للوطن العراقي أهمية كبرى ، وتبرز هذه الاهميه في عدد من النواحي يرجع بعضها إلى الموقع ، وبعضها الآخر إلى الظروف الحضارية والاقتصادية ، ويعد بإجماع الباحثين من أقدم مواطن الحضارة الإنسانية التي أعطتها معناها السامي. فقد شعت منه أنوارها الأولى، وخطا الإنسان في مضمارها خطوات واسعة تشهد آثاره العظمى القائمة إلى الآن ما بلغ من روعة وإبداع. إن الحفاظ على التراث الحضاري العراقي وانتقاله بين الأجيال المتعاقبة هو ضمان تماسك الأمة العراقية ونهوضها بدورها الإبداعي في مجال الحضارة الإنسانية. فالتراث كائن لايمكن طمسه وإغفاله ولايمكن القضاء عليه لأنه التاريخ وهو حصيلة الجدل الطويل عبر تاريخ ممتد امتداد الروح الوطنية.
وبعد، فهذا بحث موجز عن جانب واحد من الفنون التشكيلية هو الخزف وقد تناولت منه ذا البريق المعدني فقط فالمصوغات الفخارية والخزفية قد وصلت إلينا بكثرة هائلة لأنها لاتبلى، ولا ننسى إنها عريقة في القدم فهي متصلة بحياة الناس اتصالاً وثيقاً منذ دب الإنسان على ظهر الأرض واحتاج إلى مايمسك فيه طعامه وشرابه، ومادته الخام – التراب والماء – وهما موجودان في كل مكان، كما قد أمدته الطبيعة بالطين الجيد بوفرة حيث يأتي مع فيضان النهر، فكان يحرقه أو يكتفي بتجفيفه في الشمس ليسجل على الألواح منه أحداثه الجارية وعقود المعاملات على اختلافها ومن هنا كانت عناية العلماء بدراستها عظيمة، وذلك لأنها تعكس تدرج البشرية في سلم الرقي. وسارت صناعة الفخار في طريقها المتطور، وشق على الفخراني أن تكون أوانيه كثيرة المسام، فاندفع يسعى وراء البحث عن وسيلة يقضي بها على هذه المسام ويكسب الأواني شكلاً أجمل مما هو عليه، وانتهى من تجاربه إلى تزجيج الأواني أي دهنها بطبقة زجاجية، وهكذا ظهر الخزف. فقد أتقن الابتكار إذ أضاف إلى أنواع الخزف التي كانت معروفة نوعاً جديداً لم يكن موجوداً من قبل هو الخزف ذو البريق المعدني (Lustre Pottery).
كما اصطلح على تسميته مؤرخو الفن ، وقد كان صاحب الفضل في هذه الابتكار الخزافون العراقيون، وعلى الرغم من أن ابتداع هذا النوع الجديد جاء نتيجة لتقدم صناعة الخزف وفي عصر ازدهار الحضارة . حيث إن هناك عوامل لها أثرها الفعال في ابتكار الخزف ذي البريق المعدني. وكانت مسؤولية الفنان أن يحقق مطالب المجتمع التي يحسها هو أيضا في أعماق نفسه، وقد استطاع الفنان خلق ابتكارات حقق بها التوازن بين هذه المبادئ وبين الثراء العظيم الذي قارب في عيشة الخلفاء والأمراء، فكان العزوف عن الاستغراق في بهرج الحياة بوصفها عرضاً زائلاً ، وما عند الله خير وابقى، وكان هذا الاتجاه واضحاً، وهو اتجاه إنساني يستهدف الانصراف عن الترف آفة الحضارة لأنه يصرف الإنسان عن بذل الجهد وعن الصلابة والقوة.
ولقد ضرب الإمام علي بن أبي طالب (ع) في حياته الخاصة والعامة أروع الأمثلة للتقشف والبساطة في كل أمور الحياة، وكان فن الفخار والخزف من أهم الحرف الفنية التي مارسها الفنان لأنه حقق فكرة الحضارة في جوانب متعددة، حيث إن الروح السمحة للإسلام لا تتماشى والترف واستعمال الخامات الغالية كالذهب والفضة، ولذلك اقبل الفنان على فن الخزف إقبالا عظيماً واستطاع أن ينتج خزفاً على مستوى عال في قيمته الفنية، ولم يكتف بذلك بل وصل إلى أن يكون إنتاجه بديلاً لأواني الذهب والفضة باستعماله للبريق المعدني الذي يعد صفة انفرد بها هذا الخزف ، لقد كان الخزافون، كغيرهم من الناس، يدركون إن حب الترف كامن في كل نفس، وانه ليس يسير على الأغنياء الاستغناء عن الأواني المصنوعة من الذهب أو الفضة كما كان فقهاء الدين يرون تحريم استعمال هذه الأواني سواء في الأكل أم الشرب والأمور الأخرى.
اتجه العراقيون بالتفكير في السعي وراء إيجاد طريقة صناعية تعطي المادة الخام التي يصنع منها الخزف بريق الذهب ، وقاموا بالتجارب المختلفة حتى اهتدوا آخر الأمر إلى ابتكار هذا النوع من الخزف الذي يحقق للأواني جمال الذهب، وأنتجت أيديهم تلك التحف الخزفية الرائعة التي امتزجت فيها دقة الصانع بعبقرية الفنان ، والتي يتمتع من يستعملها بجمال الذهب ورونقه دون الخروج على أقوال الفقهاء. ومن العراق انتشر الخزف ذو البريق المعدني إلى كل أنحاء العالم وتعلمه الخزافون في مصر، وفي المغرب، وفي الأندلس، وفي إيران وشرق العالم الإسلامي ، وتسربت أسرار صناعتة إلى أوربا من الأندلس.
كان الفتح لبلاد الشرق الأدنى بداية عهد جديد في تاريخ فنون الخزف وقد اتبع الخزافون أول الأمر الأساليب التقليدية التي سادت مصر وسوريا والعراق، ولكن هؤلاء الفنانين اخذوا يبتكرون تدريجياً أساليب جديدة في زخرفة الخزف، وكانت لهم خلال القرن التاسع ابتكارات على جانب كبير من التنوع سواء في الزخارف أم في الألوان أم في الأساليب الصناعية. أمدتنا التنقيبات الأثرية التي أجريت في مناطق مختلفة على الفسطاط والمدائن وسامراء بنتائج كبيرة لتاريخ الخزف، ولما كانت سامراء قد أنشئت وهجرت بين عامي836- 883 ،فأن الخزف الذي اكتشف في أطلالها يرجع بالتأكيد إلى القرن التاسع وبالتالي يساعدنا على معرفة تاريخ الفخار المشابه في بعض البلاد الأخرى، ويختلف الفخار اختلافاً كبيراً جداً من حيث قيمة الزخرفة وأساليب الصناعة، واقتصرت الزخرفة بالبريق المعدني، مثلما اقتصر الطلاء بالمينا، على المنتجات الثمينة عن الخزف فقط . حيث عثر على الخزف ذي الزخارف المرسومة بالبريق المعدني في العراق في كثير من الأماكن مثل المدائن وسامراء، وفي مصر في أطلال مدينة الفسطاط، ويعد الخزف المحلى بزخارف من البريق المعدني من أجود منتجات الخزف في العالم الإسلامي، إذ إن صناعته كانت من الابتكارات العظيمة التي اهتدى إليها الخزافون في القرنين الثامن والتاسع، ومع انه قد بذلت محاولات عدة لتتبع صناعة البريق المعدني في مصر قبل العصر الإسلامي إلا انه لاتوجد قطعة ذات بريق معدني صحيح من النماذج الباقية حتى اليوم يمكن إرجاعها الى ما قبل الثامن أو التاسع، ويصنع هذا النوع من الخزف مادة من طفل اصفر نقي مغطى بطبقة غير شفافة من المينا القصديرية ترسم عليها الزخارف بالاكاسيد المعدنية بعد حرقها للمرة الأولى، ثم تحرق للمرة الثانية حرقاً بطيئاً جداً تحت درجة حرارة اقل من الأولى تتراوح بين 500- 800 فهرنهيت وعندئذ تتحول الاكاسيد المعدنية باتحادها مع الدخان إلى طبقة معدنية رقيقة جداً، ويصبح لون البريق المعدني المتخلف إما ذهبياً أو احد أطياف اللونين البني أو الأحمر، ولم ينته القرن التاسع حتى صار الخزافون سادة تلك الصناعة التي اقتصر أمرها على الشرق الأدنى، وقد أخرجت منه حفريات سامراء التي قام بها كل من زره وهرتزفلد بعضاً من أروع أمثلة الأواني ذات البريق المعدني، وهذا مادفع البعض إلى القول بان صناعة البريق المعدني عراقية الأصل. وان خير مايعرف منها مااكتشف بسامراء، وذلك إلى جانب ماامدتنا به المدائن مثلاً من أمثلة كثيرة جميلة منه، ويفوق ماصنع الخلفاء العباسيون من (836- 883) من خزف ذي بريق معدني جميع أنواع الخزف الإسلامي ذي البريق المعدني فيما تلا ذلك من العصور من حيث جمال شكله وبهجة ألوانه ورسمت زخارف خزف سامراء بعدة ألوان أو بلون واحد هو الذهبي المصفر أو الذهبي المخضر أو البني فوق طبقة من المينا القصديرية.
وتعد القطع المتعددة الألوان أجمل ماانتجته سامراء من أنواع الخزف ذي البريق المعدني وترى مجموعة منه ذات اللون الذهبي والأخضر الزيتوني، والأخضر الفاتح، والبني المائل إلى الحمرة، أما زخارفه تتكون من تفريعات نباتية بها تعبيرات زخرفية على هيئة الأقماع، وأشكال أزهار بعيدة عن الطبيعة وتواريق متنوعة ومراوح نخيلية ثلاثية الفصوص، وزينت هذه المصوغات وما بينها من فراغ برسوم تشبه قطع الفسيفساء جمعت أشكال المعينات والفروع النباتية والدوائر المنقطة ذات الخطوط المتوازية. وتشبه أواني سامراء ذات البريق المعدني، بلاطات فاخرة ذات رسوم من لون واحد أو عدة ألوان (الذهبي والأصفر الطفلي والبني المحمر) وهي بلاطات محراب مسجد عقبة بن نافع الفهري بمدينة القيروان بتونس ويبلغ عددها 139 بلاطة وضعت على شكل إطار لذلك المحراب، وترجع المصادر إنها استوردت ومعها المنبر الخشبي المشهور الموجود بالجامع من بغداد، فقد استوردها في بداية القرن التــاسع احد أمــراء بــني الأغلب ويحتمل أن يكـــون زيــادة اللــه الأول ( 817 – 838 ) وأيدت حفريات سامراء ماذكرته المراجع، وما كان مصدر شك عند أهل الاختصاص ، ولابد أن تكون بلاطات جامع القيروان من صناعة بغداد لأنها تسبق في تاريخها خزف سامراء.
ولما كانت سامراء مقراً مؤقتاً لخلفاء بني العباس فيمكن عدها فرعاً من المدرسة العراقية في صناعة الخزف ذي البريق المعدني الذي كانت بغداد مركزه الرئيسي، وقد ذكر الأستاذ الكعاك أمين المكتبة الوطنية في تونس إن أحد الخزافين التونسيين الذي تعلم صناعة الخزف في العراق عاد إلى تونس وقد حمل معه هذه المجموعة من البلاطات ، وكان يحرص عليها اشد الحرص ثم وضعت في المحراب ، وقد استمر ازدهار صناعة الخزف في تونس منذ ذلك التاريخ وحتى الآن. وتدل الزخارف الفنية والتنوع الكبير في رسوم بلاطات محراب جامع القيروان على مقدار تفوق العراق في صناعة الخزف ذي البريق المعدني في النصف الأول من القرن التاسع. إن مجموعة أخرى تفوقت على بلاطات جامع القيروان وهي من خزف سامراء ، ومرسومة ببريق معدني ياقوتي اللون يوجد في اغلب الأحيان مع اللون الأصفر والأخضر والذهبي والأرجواني. ولم يقتصر مثل هذا الجمع بين الألوان الفنية على الأواني فحسب بل وجد كذلك على بلاطات استخدمت في تزيين جدران قصر سامراء ، وكانت بمتحف برلين أمثلة منها على جانب عظيم من الجمال ، ويزين بعض هذه التربيعات رسم ديك داخل اكليل مضفر على أرضية صفراء مرمرية. وهناك أشكال أخرى من البلاطات كالتي تعرض الآن في متحف المتروبوليتان ، وعليها رسوم بقع بالبريق المعدني ذي اللون الأحمر والأصفر والأخضر والبني وهي تقليد لقطع الرخام، وتتمثل بهجة البريق المعدني الياقوتي اللون وامتزاج الألوان المختلفة في سلطانية نادرة بمتحف المتروبوليتان وتتكون زخارف تلك السلطانية في الداخل من تعبير محور على شكل القمع وأوراق ضيقة طويلة، وتحيطه مناطق على شكل عقود مرسومة بالبريق المعدني بدرجات مختلفة من اللونين الأحمر والذهبي على أرضية من اللون الياقوتي أما خارج تلك السلطانية بما في ذلك قاعدتها فمغطى بالبريق المعدني الياقوتي، ومع إن مصدر هذه القطعة غير معروف إلا إن نسبتها إلى العراق هي المرجحة حيث وجدت فيه قطع أخرى جميلة ياقوتية اللون من الخزف ذي البريق المعدني وكان العراق وعلى الأخص بغداد اكبر مركز لإنتاج هذا النوع الفاخر من الخزف في القرن التاسع.
تدل حفريات نيسابور على إن خزافي إقليم خراسان قلدوا ذلك النوع في خزفهم أما ماعثر عليه في مصر ، ولاسيما في الفسطاط وبعض الأماكن الأخرى من الخزف ذي البريق المعدني المتعدد الألوان فمن الراجح انه مستورد من العراق. كما إن هناك أنواعاً عديدة من الخزف ذي البريق المعدني بمدينة الرقة على نهر الفرات في سوريا لزهريات وأباريق وسلاطين وطاسات مختلفة الأحجام أما لون البريق المعدني السائد فهو البني الداكن وهو من الألوان النادر استعمالها في مراكز صناعة الخزف الأخرى، وتزين أواني الرقة زخارف نباتية وكتابات نسخية أو كوفية وأحيانا رسوم طيور محورة تحويراً ، ومرسومة بالبريق المعدني على طلاء شفاف مخضر يزيد في بهجته أحياناً إضافة اللون الازرق الزهري إليه، ورسوم بعض القطع على جانب كبير من الرشاقة والجمال، يرجع إبداعها إلى القرن الثاني عشر، إما زخارفها النباتية والكتابية فقد تركت بيضاء أو رسمت بالبريق المعدني البني اللون، وكان الموضوع الزخرفي يرسم على أرضيته من الأشكال الحلزونية كما يرى في الزهرية المحفوظة بمتحف المتروبوليتان، وجمعت زخارف القطع الكبيرة بين البريق المعدني والزخارف البارزة، وقد تداولت أيدي التجار السوريين كميات كبيرة منه امتلأت بها الأسواق وهي التي ترى اليوم في المتاحف والمجموعات الخاصة، وعلى الرغم من انه لم تقم في مدينة الرقة حفريات علمية منظمة إلا إن أبحاث زره وهرتزفلد في تلك المنطقة، وما عثر عليه من خزف تالف هناك ، فأنها تدل على إن الرقة كانت مركزاً عاماً لصناعة الخزف ، واستمر خزف تلك المدينة ينسب خطأ إلى عصر هارون الرشيد (780- 908م) بسبب إقامته هناك بعض الوقت.
كما عثر على خزف ذي زخارف بالبريق المعدني بمدينة الرصافة ( sergiopois) الواقعة في صحراء سورية على مقربة من الرقة ، ويلاحظ إن لون البريق المعدني فيه ليس بنياً كخزف الرقة إنما هو بني داكن مائل إلى الحمرة أو ارجواني ، ولدى متحف المتروبوليتان ثلاث قطع من خزف الرصافة هي زهرية وسلطانية عليها رسوم نباتية، وسلطانية أخرى صغيرة يزينها رسم طائر وسط إكليل من الأزهار والأوراق. لقد أمدتنا أطلال مدينة الفسطاط (مصر القديمة) منذ وقت طويل بنماذج لفنون زخرف الشرق الأدنى ولم تكن بالطبع كل ماعثر عليه من صناعة مصر، إذ إن أكثره مستورد من العراق. هناك صلة قوية بين أكثر ماوصلنا من الخزف من الفسطاط وغيرها من الأماكن المختلفة بمصر وبين مراحل تطور ذلك الفن في جميع بلاد الشرق الأدنى، وعلى الأخص في العراق، وأبدع ماوصلنا من أنواع الخزف هو المصنوعة زخارفه من البريق المعدني، ويرى البعض إن جميع قطع هذا النوع من صناعة مصر بل يذهب البعض إلى ابعد من ذلك فينسب ماعثر عليه من خزف بالبريق المعدني في العراق إلى صناعة بغداد وسامراء والمدائن، ومع ذلك فيمكن القول إن مصانع الخزف ذي البريق المعدني استمرت في إنتاجها طوال تلك المدة بين القرن الحادي عشر والثالث عشر، كما يدل على ذلك ماوجد من بقايا في الجهات المختلفة وأنتج الخزافون الأندلسيون أنواعاً جيدة زينوها بالزخارف المختومة والمصنوعة بالقوالب ومن أقدم الأمثلة المعروفة غطاء بئر من اشبيلية مؤرخ عام (430هـ – 1039م) وهي ضمن محتويات متحف الآثار بمدريد ومتحف المتروبوليتان، وكان فضل العراقيين المسلمين في صناعة الخزف- موضوع البحث – عظيماً حيث لم يكن معروفاً للأوربيين من قبل، وتعلمه الايطاليون من الأندلسيين الذين تعلموه بدورهم من المغرب ومن بغداد، ومن ايطاليا ذاعت صناعة هذا النوع من الخزف في كل أنحاء أوربا، ومن الكلمات التي انتشرت في أوربا ولها صلة بهذا الخزف كلمة (Albarelli) المأخوذة من الكلمة العربية (البرنية) التي كانت تطلق على القدور الصغيرة المصنوعة من الخزف ذي البريق المعدني التي كانت تصدر إلى أوربا.
وهكذا يكون العمل الفني صورة رائعة عن الرابطة التي تربط الفنان بالإنسانية وارتكاز الفن العراقي على هذه المبادئ السامية ، وقد اوجد حلاً لمشكلة مهمة من مشاكل التذوق والنقد الفني ويكفي القول إن المتذوق أمام أي عمل فني يريد أن يبحث عن ذاته التي يعرفها بوضوح ، أو التي يسعى إلى معرفتها من خلال القضايا الكبرى ومن خلال مستوى العصر ومن خلال مواقف الآخرين.
فالعمل الفني الذي تتجلى به شخصية الأمة هو العمل الأصيل ، وليس من شك ان الأعمال الأصيلة هي التي تفرض نفسها على التاريخ ، وتنقل مضمونها إلى خارج الحدود القومية لكي تصبح قضية إنسانية مشتركة ، ولم يكن الفن في جميع عصور التاريخ الامظهراً من مظاهر حضارة كل امة من الأمم ، بل لم تكن أية حضارة من الحضارات الكبيرة الانتيجة عملية للمشاركة القومية في الإنتاج والإبداع ، والكشف عن الطابع الوطني في الفنون القديمة ، هو ذلك الارتباط الوثيق بين روح الأمة وحضارتها ، وقد وسمت الحضارة العراقية سمات متميزة عن سمات الطرز الأخرى.