مقالات

متاحف وقصور ومعارض… تاريخ وثقافة وعلوم

192

تعتبر المتاحف وباختلاف أنواعها مراكز أساسية لخدمة المجتمع باعتبارها مركز مهم وحيوي للتاريخ والحضارات، لذا فقد دأبت الكثير من الدول على إنشاء وتطوير المتاحف لأجل الحفاظ على التراث والهوية الثقافية وتطوير المجتمع إضافة إلى الجانب الترفيهي والسياحي، وفي هذا الشأن يروي متحف الحضارة والفنون الإسلامية برقادة في محافظة القيروان، وسط تونس، تاريخ الحضارة الإسلامية في هذا البلد من خلال تدوينات تاريخية وأثرية للفتح الإسلامي وطريقة الحياة في ظل الحضارة الإسلامية. ووضعت في مدخل المتحف لوحة كبيرة تسجل التسلسل التاريخي للدول التي حكمت تونس، وبالتالي القيروان، التي كانت تتمتع بمركزية خاصة جمعت في فترات عدة بين المركزية السياسية والاقتصادية والثقافية لهذا البلد،

ويتكون متحف رقادة (وهو قصر قديم) من طابقين، ويلاحظ الزائر وجود مجسم خشبي لجامع عقبة بن نافع، إحدى روائع العمارة الإسلامية في التاريخ، وقد قسم إلى قسمين، قسم مغطى ويشمل المصلى والصحن المسقوف، والقسم الآخر من الجامع وهو الصحن والأروقة المحاذية له. كما يجد الزائر صورا ومجسمات طواقي محاربين نصف كروية الشكل تعلو اللوحات الرخامية للمحاربين وهي مصنوعة من الخشب المدهون وتتكون من صفائح معشقة على طريقة أعواد المراكب البحرية، وهي قادمة من ساحل العاج، مما يكشف عن حركة تجارية نشطة بين المسلمين القدامى والأفارقة.

وتتميز الطواقي بزخارفها الفنية البديعة المشتملة على تشابيك متعانقة تنبثق منها أوراق خماسية وعناقيد مذنبة ومذهبة وتعود للقرن الثالث الهجري. كما نجد لوحات رخامية بيضاء مكتوب عليها آيات قرآنية بالخط الكوفي، وهي تجسد الابداع الاسلامي في مجال الخط. وهنالك العديد من الأواني والمكاييل ولوحات الخزف والقوارير وأواني الزجاج التي عثر عليها في حفريات قرب رقادة وصبرة المنصورية (إحدى ضواحي القيروان)، وتعود للقرنين الرابع والخامس للهجرة وتتميز بألوانها الزاهية إلى جانب خارف وتماثيل حيوانية تعود للقرنين الرابع والخامس الهجري، العاشر والحادي عشر الميلادي.

الأواني الفخارية الموجودة بالمتحف رائعة التصميم والجمال مما يؤكد الذوق الرفيع لصناعها، وهي أواني للطعام والشراب تعود للعصر الأغلبي، ومكتوب وسطها “الملك لله” وهو شعار دولة الأغالبة (سلالة عربية حكمت تونس وشرق الجزائر وغرب ليبيا في الفترة بين عامي 800 و909 ميلادية). كما توجد مربعات الخزف المستورد من أزمير التركية ويعود للقرنين العاشر والحادي عشر الميلادي كما أن هناك مربعات الزجاج من صنع القلالين في تونس، وهي مربعات الخزف المعدني التي يزدان بها حاليا محراب جامع عقبة بالقيروان وهي تقنية إسلامية بحتة، وهي تقنية تجعل من المربعات التي تعود للقرنين الثالث والرابع للهجرة أي بعد مرور نحو 10 قرون تحافظ على لمعانها، وهي مربعات نادرة الوجود.

ويوجد بالمتحف أيضا مجموعة صور لبعض المدن التونسية العتيقة كالمنستير وسوسة والقيروان، وكذلك مجموعة من النقائش الجنائزية ،أو ما يعرف بشواهد القبور، وألواح خشبية مزخرفة، ومصابيح برونزية ومشاكي ( جمع مشكاة ) منها مشكاة المعز بن باديس ( 424- 443 ه) ومحابر من الجص، ونقوش على الرخام بخط كوفي، ويعود للقرن الخامس للهجرة، في نفس المكان مجموعة من الموازين، والنقود القديمة التي عرفتها تونس في العهود السابقة بما في ذلك العهدين الاموي والعباسي، ومركزية القيروان في صك العملة .

وإلى جانب قطع النقود نجد اسم الأمير الذي ضربت في عهده ، من الأغالبة حتى نهاية الدولة الحسينية، ونجد أن الدينار ذهبي والدرهم فضي والفلس من البرونز.

ومن ذلك مجموعة النقود التي ضربت في الدولة الفاطمية وخاصة في عهد المعز لدين الله الفاطمي، والامارة الصنهاجية، وخاصة زمن المعز بن باديس وهي مجموعة كبيرة للغاية وجدت أثناء الحفريات، التي جرت في فترات سابقة قرب القيروان، ومن ذلك دنانير تعود للعهد الزيري، وأخرى إلى العهد الحفصي، وكذلك للعهود الأغلبية والفاطمية.

وكان بالمتحف الكثير من الحلي لكن القائمين على المتحف فضلوا عدم عرضها نظرا للأوضاع الأمنية التي سادت تونس في أعقاب ثورة 14 يناير. وقد أثار غياب الحلي من متحف رقادة الكثير من الأسئلة حول ظاهرة سرقة الآثار من الدول الاسلامية، ففي السنوات الماضية هزت الأوساط التونسية أنباء حول سرقة مخطوطات الرق الأزرق، وهي مخطوطات قرآنية كتبت على جلود الغزلان وهي اتهامات ظلت تتداول منذ القرن التاسع عشر. وتوجد في المتحف نماذج من الرق الأزرق إلى جانب أدوات طبية وصيديلة تعود للقرن الرابع والخامس للهجرة العاشر والحادي عشر الميلادي، ومشكاة برونزية وتماثيل.

وقال الباحث في الآثار ومدير المتحف زهير الشهايبي القيروان تحتوي على مجموعات كبيرة من المصاحف المكتوبة على جلود الغزلان أو ما يطلق عليها الرق الأزرق وتعود إلى القرون الأولى للإسلام. وتابع المتحف يضم أيضا مجموعات من المصاحف بالخط الكوفي، ومجموعة أخرى مكتوبة بماء الذهب، والزخرفة بماء الذهب، وتوجد المصاحف التاريخية بالجزء العلوي من المتحف، ومن بينها ورقتان من مصحف المعز بن باديس ونمنمات ، ومخطوطات القيروان. كما يضم المتحف كذلك مصحفا مبطنا بوثيقة عبرية تعود إلى أواخر القرن العاشر الميلادي. (الأناضول)

متاحف مصر

الى جانب ذلك أعلنت وزارة الثقافة المصرية عن مشروع متحف قناة السويس بمشاركة مصرية فرنسية لتحويل استراحة فرديناد ديليسبس بمدينة الإسماعيلية إلى متحف عالمي ومركز بحثي يستعرض تاريخ مصر منذ الفراعنة حتى القرن التاسع عشر. وديليسبس (1805-1894) دبلوماسي فرنسي استطاع إقناع محمد سعيد الذي حكم مصر بين عامي 1854 و1863 بمشروع حفر قناة السويس التي افتتحت عام 1869. وتأسست استراحة ديليسبس عام 1860 في مدينة الإسماعيلية على بعد نحو 130 كيلومترا شرقي القاهرة وكانت المقر القديم للشركة العالمية لقناة السويس البحرية.

وقال البيان إن محمد صابر عرب وزير الثقافة المصري بحث مع ارنو رانير دي فورتييه رئيس أرشيف فرنسا السابق والرئيس الحالي للجمعية الفرنسية لأصدقاء قناة السويس تفاصيل مشروع المتحف وتقرر وضع حجر الأساس في حفل عالمي يدعو إليه الفريق مهاب مميش (رئيس هيئة قناة السويس) باسم الحكومة المصرية وبحضور وزيري الثقافة المصري. وقال عرب إن لجنة علمية شكلت لمتابعة المشروع حتى يتحول إلى مركز بحثي عالمي ونقطة انطلاق للتطوير السياحي لمنطقة قناة السويس مقترحا على الجانب الفرنسي أن يصنع تمثالا جديدا للفلاح المصري الذي حفر القناة.

ونسب البيان إلى دي فورتييه أن دور جمعية الجمعية الفرنسية لأصدقاء قناة السويس التي يرأسها يتمثل في استعادة أصول وصور الأرشيفات الأساسية للقناة وعمل معرض متنقل لأرشيفات القناة والموجودة في مدن منها لندن وفيينا وبرلين وسان بطرسبرج. وقال البيان إن المتحف سيستعرض تاريخ مصر منذ الفراعنة حتى ديليسبس ودور البلاد في إعادة ربط القارات القديمة وهي العبقرية المصرية وشخصية مصر علي مر التاريخ كما يضم المتحف أفلاما تسجيلية عن مدن القناة وصور ورسوما خاصة بحفل “الافتتاح الأسطوري” بحضور عدد من الملوك.

في السياق ذاته قالت وزارة الدولة لشؤون الاثار المصرية في بيان إنها ستطرح المراحل المنتهية من متحف الحضارة الذي سيكون سجلا لحضارتها عبر العصور للاستغلال السياحي المتمثل في مسرح ومطعم ومركز تجاري وساحة انتظار للسيارات قبل افتتاح المتحف. ويقام متحف الحضارة في منطقة الفسطاط جنوبي القاهرة والتي أسسها عمرو بن العاص قائد الجيش العربي الذي دخل البلاد عام 640 ميلادية.

والمتحف الذي لم يعلن عن موعد افتتاحه سيضم 50 ألف قطعة أثرية تحكي مراحل تطور الحضارة المصرية منذ عصر ما قبل التارخ مرورا بالعصر الفرعوني ثم اليوناني الروماني والقبطي والإسلامي حتى العصر الحديث. وقال محمد إبراهيم وزير الدولة لشؤون الآثار في البيان إن طرح المراحل المنتهية من المتحف وهي المسرح والمطعم والمركز التجاري ومربد للسيارات للاستغلال السياحي سوف يدر دخلا وعائد ماديا مناسبا يسهم في سرعة الانتهاء من مشروع المتحف الذي سيعرض أيضا إنجازات الإنسان المصري في مجالات الحياة المختلفة منذ فجر التاريخ إلى الآن من خلال ست قاعات عرض. والقاعات الست ستحمل عناوين “فجر الحضارة” و”بزوغ حضارة النيل” و”الثقافة المادية” و”الكتابة والعلوم” و”الدولة والمجتمع” و”العقائد والفكر”.

أعمال فنية مسروقة

على صعيد متصل حددت متاحف هولندية 139 لوحة فنية ربما نهبت من مالكيها اليهود من بين مجموعاتها. وتضم هذه لوحة للفنان ماتيس ولوحات عديدة أخرى لفنانين هولنديين من بينهم الفنان الانطباعي اسحق الإسرائيلي. وتأتي هذه النتائج بعد بحث استمر أربع سنوات كان يدرس الأعمال الفنية التي حازت عليها أكثر من 400 مؤسسة بين عام 1933 وحتى الوقت الحالي. وأنشأ موقع إلكتروني لمساعدة الورثة الحقيقيين أصحاب هذه اللوحات في مطالبهم. وتنشر القائمة الكاملة للوحات الفنية الـ139 على موقع إلكتروني مخصص لهذا الغرض. ويمكن لمالكي اللوحات المحتملين أو ورثتهم التقدم بطلب لاستعادة اللوحات المسروقة من لجنة التعويضات الهولندية.

وهذه هي المراجعة الفنية الثانية من نوعها التي تجريها المتاحف والمعارض الهولندية، وكانت الأولى أجريت قبل عقد من الزمن وبحثت في الأعمال الفنية التي تم الاستحواذ عليها بين عام 1940 و1948. وخلال الإعلان عن المراجعة الحالية في عام 2009، قال سيبه وايده مدير اتحاد المتاحف الهولندية إن معلومات جديدة دفع المتاحف إلى البحث في الماضي أكثر عن لوحات تدور شكوك حول مصدرها. وقال وايده نعلم أنه كانت هناك معاملات مشكوك فيها تتعلق بأعمال تم الاستحواذ عليها قبل عام 1940 بعد (مذبحة) كريستال ناخت.

وكريستال ناخت أو ليلة الزجاج المكسور هو هجوم منسق على اليهود في ألمانيا والنمسا في التاسع والعاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1938، والتي مثلت بداية حملة ترويع ممنجهة انتهت بالمحرقة اليهودية “الهولوكوست”. وقتل نحو 91 يهوديا حينما ارتكبت قوات من كتيبة العاصفة النازية عمليات سلب ونهب وإحراق لشركات ومعابد يهودية، وكانت هناك أيضا عمليات سلب ونهب واسعة وفقد عدد لا يحصى من اللوحات الفنية الثمينة.

واستمرت عمليات النهب خلال فترة الحرب العالمية الثانية حيث سرق ما يقدر بـ 650 ألف مادة ولوحة دينية من يهود أوروبيين. ورغم إعادة معظم اللوحات، لا يزال عدد كبير منها موجود في متاحف ومقتنيات خاصة.

وركزت المراجعة الهولندية بشكل واضح على اللوحات التي توجد ثغرات في سجلات ملكيتها. وأسفرت عمليات البحث السابقة عن استعادة العديد من اللوحات. وفي إحدى الحالات، أعادت الحكومة الهولندية ما إجماليه 202 لوحة إلى زوجة ابن جاك غودستيكر، وهو تاجر لوحات يهودي سرقت مجموعاته خلال الحرب. وقدرت بعد ذلك قيمة إحدى اللوحات، بعنوان “حلقة من غزو أمريكا” للفنان جان موتزارت، بـ 14 مليون دولار.

أخبار أخرى

من جانب اخر وافقت سلطات برلين على مشروع تشييد متحف جديد تعرض فيه التحف الفنية للقرن العشرين، من قبيل أعمال ماغريت ودالي، في خطوة من شأنها أن تضع حدا لنزاع قائم منذ عدة سنوات. وأعلنت السلطات المعنية بشؤون الثقافة في برلين المثقلة بديون طائلة أنها ستخصص 130 مليون يورو لهذا المتحف الجديد الواقع بالقرب من ساحة بوتسدامر في وسط برلين. وقد قدرت أعمال ماكس إرنست وأندريه بروتون وخوان ميرو التي يملكها الزوجان الثريان أولا وهاينر بيتسش ب 150 مليون يورو.

ومن شأن هذا القرار أن يضع حدا لنزاع قائم حول مشروع سابق كان يرمي إلى نقل إحدى أجمل المجموعات للأعمال الفنية إلى متحف آخر تعرض فيه أعمال معاصرة أكثر. وقد شهدت متاحف برلين ارتفاعا بنسبة 73% في عدد الزوار بين العامين 2002 و 2010، في مقابل ارتفاع بنسبة 8% لا غير في المتاحف الأخرى في ألمانيا، وفق ما جاء في دراسة نشرت العام الماضي.

في السياق ذاته أعلن المتحف الوطني للفنون في واشنطن أنه سيتسلم حوالى 250 تحفة لفنانين معاصرين كبار، مثل إيف كلاين، روبرت سميثسون، دان فلافين، سول لويت، أغنيس مارتين، والتر دي ماريا، كارل أندريه، روبرت موريس، فريد ساندباك، مايكل هيازر، وجان تينغيلي. وجاء في بيان أن المجموعة المؤلفة من 34 منحوتة و15 لوحة وعدد من الرسوم والنقوش والصور والأفلام، ستمنحها للمتحف في نيويورك ولوس آنجليس، هاوية جمع التحف الفنية الأميركية السابقة فيرجينيا دوان (81 عاماً). وقال مدير المتحف إيرل باول إن هذه الهبة ستغني إلى حد كبير مجموعاتنا الفنية من الستينات والسبعينات. وستُعرض هذه المجموعة في معرض سينظم عام 2016 تزامناً مع إعادة افتتاح الجناح الشرقي من المتحف الوطني الذي يخضع حالياً للترميم.

على صعيد متصل كشف متحف فان غوخ في أمستردام النقاب عن لوحة كان يجهل أنها تعود الى الرسام الهولندي الكبير الذي رسمها في ذروة مسيرته الفنية، وكانت منسية في علية أحد هواة جمع التحف. وهذه الرسمة الزيتية المؤرخة في العام 1988 تحمل اسم “غروب الشمس في مونماجور”، وقد كشف عنها النقاب مدير المتحف أكسل رويجر وسط تصفيق حار من الجمهور.

وقال أليكس رويجر ان هذا الاكتشاف يعد من الأحداث الفريدة من نوعها في تاريخ متحف فان غوخ. وتظهر اللوحة غابة من أشجار السنديان في محيط مدينة آرل في جنوب فرنسا. وقد اشتراها هاوي جمع تحف في العام 1908 ووضعها في عليته، لأنه كان على قناعة بأنها نسخة مقلدة. وقد درس علماء ومتخصصون في الفنون هذه اللوحة وقارنوها بتقنيات الرسم التي كان يعتمدها الرسام، وهي ذكرت أيضا في رسالة كتبها فان غوخ (1853 – 1980) في الرابع من تموز/يوليو 1888. بحسب فرانس برس.

وأكدوا بالتالي طابعها الأصلي. وقد رفضت إدارة المتحف الكشف عن هوية صاحب هذه اللوحة. ويعد متحف فان غوخ في أمستردام من أشهر المتاحف في العالم. وهو يأمل استقطاب 1,2 مليون زائر العام المقبل. و فتح أبوابه مجددا في أيار/مايو بعد عملية ترميم ويضم حوالى 140 لوحة للرسام الهولندي.

الاقسام

اعلانات