الاثار العالمية مقالات

«التسوّق في روما القديمة».. حياة مدينة

1766486255

كانت روما القديمة مركز أوروبا خلال قرون عدة. وإذا كان المؤرخون والباحثون يولون اهتمامهم لمشاريع روما السياسية وازدهارها وتقهقرها، فإن الباحثة البريطانية كلير هوليران، تركز على مظاهر أخرى من حياة تلك المدينة، وهي تلك التي تتعلّق بالتسوّقّ، أي عمليات الشراء على صعيد الحياة اليومية، من متاجر جعلت من البيع للأفراد نشاطها الأساسي. وهذا موضوع كتابها الذي يحمل عنوان: «التسوّق في روما القديمة».

تشير المؤلفة بداية، إلى أن أول حكاية تخص التسوّق في العصر القديم، تعود إلى «أبيات شعر ساخرة» للشاعر هيرونداس، الذي كان يعيش في الإسكندرية، خلال القرن الثالث قبل الميلاد. إذ كانت تلك المدينة من الأكثر تطوّراً في العالم، آنذاك. وتروي تلك الأبيات، قصة سيدة اسمها «مترو» تذهب مع صديقاتها، إلى حانوت بائع الأحذية.

تلفت المؤلفة إلى أن مفهوم التسويق، بالمعنى الحديث، اختراع قريب العهد. ويعود إلى القرن الثامن عشر من حيث ارتباطه بالتجارة. والكلمة مشتقّة من فعل «to shop» الإنجليزي الذي يعني: «قصد المتاجر والقيام بمشتريات». لكن المقطوعة الشعرية التي تذكرها المؤلفة، تشير بوضوح، كما تقول، إلى نشاط مشابه كان قد عرفه حوض البحر الأبيض المتوسط قديماً، وإلى أن الزبائن كانوا يبحثون عن متعة التسوّق.

الحجج الأساسية التي تعتمد عليها مؤلفة الكتاب، مجموعة من النصوص، إلى جانب التركيز على دراسة الآثار وما تفصح عنه، من وجود أعداد كبيرة من المتاجر ومن مراكز البيع الكبرى. وبهذا المعنى، تجد «سند النصوص» في الآثار المادية التي تشهد على تطوّر التجارة في روما القديمة.

تؤكد المؤلفة في أول فصول الكتاب ظهور الإنتاج الكبير كمياً، في بعض قطاعات الاقتصاد. لكنها ترى أن اقتصاد المفرّق في روما القديمة، كان في جزء كبير منه تحت سيطرة «الحرفيين التجار»، الذين كانوا ينتمون غالباً إلى زمرة العبيد، أو إلى زمرة العبيد المحررين.

تخصص كلير هوليران، الفصل الثاني من الكتاب، لدراسة العلاقة بين تجارة المفرّق وتجارة الجملة. وتدرس في هذا الإطار، حركة الاستيراد. وتقدم أيضاً، توصيفاً للحركة التجارية التي كان يشهدها ميناء «هوريا».

في الفصل الثالث، تتعرض المؤلفة لمنظومة متاجر البيع «تابيرنا» التي عثر على أجزاء منها، في جميع الحفريات الأثرية الخاصة بإيطاليا، خلال الحقبة الرومانية. لكن تبين أن آلية التعامل في تلك المتاجر بقيت مرهونة بما هو موجود في النصوص المختلفة.

تخصص كلير، الفصل الرابع لـ«الأسواق والمعارض». ذلك ابتداء من سوق «ماسيللا» التي ترى فيها «سوقاً كبيرة للمنتجات الغذائية، ذات الجودة العالية. كذلك تتحدث في هذا الإطار، عن (الأسواق الموسمية).

وتبحث المؤلفة في الفصل الخامس، في ما تسميه «تجارة الشارع» التي كانت سائدة إلى حد كبير. ويناقش الفصل السادس، والأخير، من الكتاب، موضوع «استهلاك النخبة». ويتركز البحث فيه على المستهلك أكثر مما هو على «بائع المفرّق».

وتخلص المؤلفة إلى أن النخبة المدينية في روما، رغم كل الإيديولوجيات والخطابات الخاصة بتأكيد تمتعها بالاكتفاء الذاتي، لم تكن مستقلة عن السوق. وأن منتجات الرفاهية الراقية كانت لها متاجرها المتخصصّة، أو كانت تباع في «المزادات العلنية».

 

 

المؤلفة في سطور

 

كلير هوليران. باحثة بريطانية مهتمّة بالمسائل الاجتماعية والاقتصادية. تعمل أستاذة في جامعة «إكستير». وهي، حالياً، في صدد إعداد عمل مشترك مع المؤرخة أماندا كلاريدج، حول «سوق العمل في روما القديمة».

الاقسام

اعلانات