السياحة بالعالم

معالم “مار شليطا” الأثرية في “حلسبان” مقصد سياحي “من الصعب الوصول إليه”

125

بين الأودية والأحراش… في خراج القبيات… يرتفع صوت الأجراس في قلب غابة صنوبرية لتحاكي زقزقة عصافير الشمال اللبناني وحفيف ورق الشجر.
هناك… يرتفع دير “مار شليطا” الذي تحوّل بعد مسيرة طويلة وشاقة من مكان مهجور إلى مركز سياحي ديني بامتياز، رغم صعوبة الوصول إليه.

آثاره من أيام الرومان
يعد مزار “مار شليطا” في حلسبان من اهم المزارات الدينية على مستوى العالم العربي، لا سيّما ان الاثار فيه تعود الى عهد الرومان، اضافة الى وجود قصر يعتبر شاهدا على الصراع الأموي-البيزنطي في الشرق.
يقع المزار وسط غابات بلدة القبيات المتميزة بتنوع اشجارها النادرة في العالم حيث باتت منطقة “حلسبان” معلما ثقافيا وتاريخيا ومقصدا لكل المؤمنين من كل اصقاع الدنيا.
و”مار شليطا” أو “أرتيموس”، الذي بنيت الكنيسة على اسمه، هو قديس شهيد كانت له كنيسة قديمة ضمن الهيكل الروماني القديم، الذي كان مميزاً بحجارته الضخمة البيضاء، والذي بني على اسم الاله الروماني”بان”، اله القطعان والبراري، وكان شفيع الحيوانات الداجنة، وتقدم له النذور من أجلها.
اما الكنيسة القديمة فقد هدمت ثم عدل هيكل “بان” ليبنى مكانه كنيسة حديثة، وتعرف اليوم بمزار مار شليطا.
كما يوجد قرب المزار “عين الست” الوارفة. فهي فريدة من نوعها، ويقال ان الاجداد قطروا العرق البلدي من كرومها  لانه في ظلالها يصير العرق اطيب واشهى، اضافة الى الجرجيرالذي يقطف من ساقية العين، المسقسقة تحت ظلال الصفصاف المتشابك، حيث يتمتع المتنزهون بقداسة المكان وهدوئه. وتعود تسمية “عين الست” حسب المؤرخين إلى “عشتروت الفينيقية”.
ويوجد ينابيع اخرى قرب المزار كـ “نبع بتويج” و”بيت الوهج” أو ” بيت الوجه”. هذا ما يمكن أن يفسّر كلمة ” بتويج”، وكلا التفسيرين يدل على عبادة وثنية قديمة.

الوصول إلى المزار صعب
لكنّ الطريق إلى كل تلك الكنوز صعب، إذ يتعذر على السائح الوصول بالسيارة التي لا تصل إلا إلى الكنيسة، والحل الوحيد يبقى بالسير في الغابات الظليلة الساكنة لكي يتمكن من التمتع بمشاهدة النبع والقنطرة وسائر المعالم.
اما ساقية الشلال فهي على هضبة مشرفة، وتجري في منبسط معشوشب صغير، تحت ظلال اشجار الدلب والصنوبر، في منحدر متدرج شلالات صغيرة لا تحصى، وتحت جسور من الاخضرار، تحنو عليها نباتات الشيح بازهارها الصغيرة، الى ان ينتهي بشلال يعلو قامة فوق حوض صغير. وفوق النبع عين الحجال كانت بركة صغيرة لا تنضب تشرب منها حجال التلال المجاورة، لكنها تحولت الآن الى قساطل بلاستيكية الى بيوت الحي القائم في أسفل التلّة.
ويسحر السائح السكون المخيّم، والظلال الندية، والطبيعة المتوحشة، حيث يتسلق الصخور، ويمر تحت قناطر صخرية طبيعية، ويشم رائحة الزوباع والقصعين، الى ان يصل الى المعاصر الطبيعية القديمة، والتي هي احواض وأجران عميقة محفورة في الصخور، ثم ينعطف قليلا ليزور دير مار سركيس وباخوس.
اما الوادي القريب من المزار فاسمه وادي المحبسة، وفيه صخرة كبيرة حفرت فيها غرفة لها باب ضيق كان يسد بحجر كبير لذلك سميت المحبسة.

… بمثابرة امرأة
وتشرف على كنيسة مار شليطا والمعالم الاثرية فيها التي تحولت الى مقصد للسواح والمؤمنين من كل حدب وصوب حاليا سيدة من القبيات كانت وراء إعادة بناء الكنيسة.
وفي الواقع، فقد كانت كنيسة مار شليطا مجرد ركام من الحجار الرومانية حين بدأت السيدة لوريس قديح العمل على إعادة البناء، حيث كانت تجمع الأموال والصدقات في الشتاء، وفي الصيف كانت تنقل الحجارة بيدها مع مجموعة من المتطوعين، حتى تمكنت من إعادة بناء الكنيسة بالحجارة التي كانت منتشرة في الموقع.
وبعد بناء الكنيسة، بدأت بترتيب محيط الكنيسة، فشيدت مدخلاً من الحجارة وأعادت تصميم المكان بالكامل.
ولكن البعض، لا سيما المتخصصين منهم، حاول وضع العقبات أمام مجهود هذه السيدة، فواجهت اعتراضات كثيرة، ولكنها ثابرت “بشفاعة مار شليطا” على عملها.
وتعود قوّة هذه السيدة إلى قوّة إيمانها، فقد جاءها في الحلم مار شليطا ليبلغها رسالة انها اذا اعادت ترميم المعبد والكنيسة على اسمه فسوف يشفي ولدها الذي سقط في باريس من بناء شاهق.. فعكفت على تنفيذ الرسالة بيديها وحيدة رغم معارضة المطرانية المارونية في البدء نظرا للقلق من ازالة المعالم الاثرية ومن ثم نالت البركة البطريركية فاكملت البناء بشكله الهندسي الرائع الذي بات من اهم مراكز السياحة الدينية في عكار ولبنان عامة.

admin

الرؤية: توفير محتوى عربي مميز
الرسالة: ايصال المعلومة بشكل شيق ومفيد

Add Comment

انقر هنا لإضافة تعليق

الاقسام

اعلانات