يلخص قروناً
متحف التاريخ… سيرة الأرض تكتبها الشارقة ببلاغة
متحف التاريخ الطبيعي الكائن في منتزه الصحراء بالإمارة الباسمة فقط، يمكن لك أن تعود إلى الوراء قروناً من الزمان لتعيش في العصر الحجري، وتشهد عصر الديناصورات. وبإمكانك أيضاً أن تشاهد قطعاً من النيازك تحوم حولك في الفضاء الواسع.
الشارقة 24 – إسلام سليم:
جولة شديدة التفرد نصحبك فيها لترى إمارة الشارقة بصورة جديدة عبر مجسم بطول 35 متراً، يمثل البيئات الطبيعية من الساحل الشرقي بمنطقة خور كلباء وحتى الساحل الغربي في منطقة الحمرية. إنه عرض شائق للبيئات الطبيعية العديدة والمتنوعة من خلال القاعات المختلفة للمتحف.
متحف التاريخ الطبيعي الذي افتتحه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في نوفمبر من العام 1995 يعتبر معلماً مميزاً يوفر للناس فرصة التعرف على تاريخ الحياة الطبيعية في الصحراء العربية، إضافة إلى قضاء أوقات ممتعة وشيقة.
حالة من الصمت والتأمل تنتابك بمجرد دخول المتحف الطبيعي، تطلق العنان لنفسك فتجد روحك تذوب مع كل ما تقع عيناك عليه، أنت إذن تقف أمام الطبيعة لتلتقي بها وجهاً لوجه، وأمام تلك الردهات الطويلة المكيفة يزداد اليقين بأن هذا المتحف يعد مركزاً للمعرفة والمتعة لجميع الناس من مختلف الأعمار، بل إنه تحول إلى مقر للأبحاث التي تجرى لمختلف الموضوعات الحيوية والعلمية. المتحف يقدم نموذجاً مصغراً للتضاريس الطبيعية لإمارة الشارقة والكائنات الحية التي تعيش فيها.
قسم الصحراء في المتحف يقدم عروضاً توضح الفروق المناخية وطريقة تكيف حيوانات الصحراء مع البيئة، ودورة الغذاء في الطبيعة، وكثير من الصور للطيور والنباتات والحيوانات.
ومن عالم الحيوانات والطيور ننتقل عبر الزمن للتعرف على قصة الأرض ونشأتها، وبإمكان الزائر أن يشاهد على مدى ساعتين ونصف الساعة من الفيديو دورة الصخور في الطبيعة، والعلاقة بين الزلازل والبراكين وأماكن حدوثها في العالم، ومن تلك القاعة تعرض الأحقاب الجيولوجية التي مر بها كوكب الأرض بدءاً بحقبة الحياة القديمة. ولم أنس أن أرى تلك القطعة التي سقطت من نيزك حقيقي من الفضاء الخارجي، والأخرى من أقدم صخرة في العالم، والعينات الحقيقية من الغابات القديمة والديناصورات وحفريات لقطرات المطر، وعظمة من فخذ ديناصور.
ننتقل من عالم الفضاء إلى زمن البحار بكواليسه وأساطيره التي لا ينتهي الحديث عنها، والتي نجح بجدارة متحف التاريخ الطبيعي في تجسيدها.
القاعة الخاصة بعالم البحار تستقبل زوارها بصور حية للمخلوقات البحرية، كلما تأملت تصميمها تسرب إليك إحساس بأنك تسير في أعماق المحيط، خاصة عندما تقع عيناك على تلك العينات والمجسمات التي تجسد العيش في قاع البحار.
أهم وأجمل ما يلفت نظرك طوال تجوالك بين أرجاء وأروقة متحف التاريخ الطبيعي، هو تلك اللوحات التعريفية التي تساعدك على فهم ما رأته عيناك من عوالم مختلفة، هذا بالإضافة إلى التسجيلات الصوتية التي تخترق أذنيك عند كل منطقة تقف أمامها لتعرف الكثير من الخبايا والمعلومات عند كل ما تراه خلف الألواح الزجاجية بمتحف التاريخ الطبيعي.
في طريقي للخروج من متحف التاريخ الطبيعي استعداداً لزيارة باقي أقسام متنزه الصحراء، استحضرت قول هناء سيف السويدي، رئيس هيئة البيئة والمحميات الطبيعية: نحرص في المتحف على إبراز وتطوير البرامج والفعاليات بشكل جذاب، بحيث يستطيع استقطاب الزائرين وطلبة المدارس بجميع المراحل الدراسية، ويأتي في مقدمة هذه الأنشطة إقامة وتنظيم الورش التعليمية، التي تهدف إلى ضرورة المحافظة على البيئة، وأهمية صون مواردها الطبيعية، ومن أهم الورش ورشة الرمال التي تتيح للمشاركين فيها فرصة التعرف إلى ألوان الرمال المختلفة في دولة الإمارات، من خلال عينات حقيقية، وكيفية استخدامها في تصميم نماذج للبيئات المتنوعة الصحراوية والجبلية وبيئة الشاطئ، وشرح طريقة توظيفها في عمل مناظر وديكورات جميلة.
حديث رئيس هيئة البيئة والمحميات الطبيعية كان مسك الختام في جولتي التي شهدت الكثير من الزوار، خاصة من طلبة المدارس للتعرف على عوالم مختلفة من الطبيعة.
لا زال منتزه الصحراء بالإمارة الباسمة يخفي لنا الكثير من الجولات عبر أقسامه المختلفة، وهو ما سنسرد تفاصيله عبر حلقة مقبلة.
